
من خشبة التكريم إلى بوابة المنع: الدوزي يُصدم بقرار أميركي بعد دعوة من جامعة هارفارد
في لحظة كان يُفترض أن تكون تتويجًا لمسار فني حافل بالعطاء، تحوّلت رحلة الفنان المغربي-البلجيكي عبد الحفيظ الدوزي إلى الولايات المتحدة إلى خيبة أمل كبيرة، بعدما مُنع من دخول الأراضي الأميركية رغم توصله بدعوة رسمية مرموقة من جامعة هارفارد لحضور حفل تكريمي كان سيُقام على شرفه.
الدوزي، الذي يحمل الجنسية البلجيكية، استكمل كل الترتيبات المتعلقة بالسفر، حيث اقتنى تذكرة الطيران وتوجه إلى المطار بكامل الحماس الذي يرافق عادة مثل هذه اللحظات المفصلية في مسيرة الفنانين، غير أن المفاجأة كانت قاسية وغير متوقعة، إذ تم إبلاغه بشكل مباشر بأنه غير مخول بولوج الأراضي الأميركية، وذلك في إجراء إداري صادم تبيّن لاحقًا أنه يرتبط بسفره الأخير إلى العراق.
تُدرج الولايات المتحدة الأميركية بعض الدول، ومن بينها العراق، ضمن قائمة البلدان التي تفرض بشأنها إجراءات أمنية خاصة، حيث يخضع المواطنون أو المقيمون الذين زاروا هذه الدول لمراجعات أمنية إضافية أو قد تُفرض عليهم قيود صارمة من حيث الدخول، حتى وإن كانوا يحملون جوازات سفر أوروبية.
تأتي هذه السياسة التي تتبعها الإدارة الأميركية في إطار ما تعتبره إجراءات احترازية تهدف لحماية أمنها القومي، لكنها تثير، في كثير من الأحيان، انتقادات واسعة لكونها قد تطال شخصيات مرموقة وأسماء لا تشكل أي تهديد، كما هو الحال مع الفنان الدوزي.
أثار الخبر موجة من الدهشة والتعاطف في صفوف جمهوره الواسع، ليس فقط بسبب منعه من دخول أميركا، بل أيضًا بسبب طبيعة المناسبة التي حُرم من حضورها، فالتكريم الذي كانت جامعة هارفارد تعتزم تنظيمه يندرج ضمن المبادرات الثقافية والفنية التي تسعى للاعتراف بمسارات فنية ناجحة ومؤثرة، خصوصًا في تعزيز الحوار بين الثقافات، وبالتالي، فإن رفض دخول فنان بمكانة الدوزي، بسبب زيارة لدولة عربية، يفتح الباب على مصراعيه لتساؤلات عديدة حول مدى اتساق السياسات الأمنية الأميركية مع المبادئ الثقافية التي تدّعي دعمها.
يعيد هذا الحدث طرح إشكالية العلاقة المعقدة بين الفن والسياسة، ويكشف كيف يمكن للقرارات السيادية أن تقف أحيانًا حائلاً أمام التبادل الثقافي والانفتاح الإنساني، حتى حين يتعلق الأمر بشخصيات تنشر الفن والسلام، كما يُبرز هشاشة الموقف القانوني لبعض حاملي الجنسيات الأوروبية عندما تتعارض تحركاتهم الشخصية مع السياسات الأمنية للدول الكبرى، مهما كان الهدف من تلك التحركات إنسانيًا أو ثقافيًا بحتًا.
قضية الدوزي ليست مجرد واقعة شخصية، بل تعكس جوانب خفية من الممارسات الإدارية التي قد تُعيق جهود التلاقي الثقافي العالمي، وتدفع ثمنها شخصيات بريئة لا تحمل في جعبتها سوى الفن والموسيقى والرسائل النبيلة.