الرئسيةحول العالممغاربية

قانون التعبئة العامة يثير جدلاً واسعا في الجزائر

أعلنت الرئاسة الجزائرية أن مجلس الوزراء برئاسة الرئيس عبد المجيد تبون صادق في اجتماعه الأخير على مشروع قانون يتعلق بالتعبئة العامة وفقا للمادة 99 من الدستور المعمول به في البلاد.

مشروع القانون هذا كان مبرمجاً ضمن أجندة غرفتي البرلمان منذ خمسة أشهر.

وتنص هذه المادة على أنه “لرئيس الجمهورية أن يقرر التعبئة العامة في مجلس الوزراء بعد الاستماع إلى المجلس الأعلى للأمن، واستشارة رئيس مجلس الأمة، ورئيس المجلس الشعبي الوطني”.

وأشارت مجلة جون أفريك الفرنسية، أنه في ظل تصاعد التوترات الدبلوماسية مع المغرب، والفوضى في ليبيا، وعدم الاستقرار في منطقة الساحل، يعيدُ النظام الجزائري طرح مشروع قانون قديم يتعلق بالتعبئة العامة. رسميا، يقدم النص على أنه مجرد قانون تنظيمي كان من المقرر اعتماده منذ العام الماضي، لكن توقيته يثير التساؤلات.

وقالت المجلة، إن الهدف  هو تفعيل المادة 99 من الدستور، التي تُجيز تعبئة سريعة ومنسقة لجميع قوى الأمة (المدنية، والاقتصادية، والمؤسساتية، والعسكرية) في حال وقوع أزمة كبرى، مثل نزاع مسلح أو عدوان خارجي، أو تهديد للسيادة الوطنية، أو أزمة داخلية، أو كارثة طبيعية.

أعاد هذا الإعلان إلى ذاكرة الجزائريين فترة “العشرية السوداء” التي عاشوها في منتصف التسعينيات، وهي صراع مسلح دار بين النظام الجزائري وفصائل متعددة كانت تتبنى أفكاراً مؤيدة للجبهة الإسلامية للإنقاذ والإسلام السياسي. وقد أسفر هذا الصراع عن سقوط نحو 200 ألف قتيل، بحسب منظمات حقوقية ووسائل إعلام دولية ومحلية.

وفي هذا السياق، ربط الأغلبية هذا الإجراء بإمكانية دخول البلاد في مرحلة من المواجهة، في ظل التوترات في منطقة الساحل وعلى الحدود الجنوبية، إذ بلغت الأزمة بين الجزائر ودول تجمع الساحل، مالي والنيجر وبوركينا فاسو، ذروتها بقرار هذه الدول سحب سفرائها من الجزائر، وهو ما ردت عليه الجزائر بإجراء مماثل، بالإضافة إلى إغلاق مجالها الجوي أمام تلك الدول.

وتتهم مالي الجزائر بأنها تتواصل مع مجموعات تعتبرها إرهابية على حدودها، في حين تؤكد الجزائر أن ذلك محض “ادعاءات باطلة”.

ورغم أن مجلس الوزراء الجزائري لم يقر التعبئة العامة ولم يذهب إلى إعلان هذه الحالة المنصوص عليها في المادة، بل ذهب إلى “المصادقة على مشروع القانون” الخاص بها، إلا أن الحالة أثارت جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي وفتحت المجال لتأويلات كثيرة في الأوساط الجزائرية، سياسياً وإعلامياً.

في هذا السياق، اعتبر نجيب الأضادي، الكاتب والمحلل المغربي، في تغريدة له على منصة إكس، أن الجزائر “تمر بمرحلة حرجة تتمثل في عزلة إقليمية وتراجع واضح في علاقاتها الدولية”.

وأوضح في تغريدته دلالات عدة لهذا الإجراء؛ منها أنه “رسالة عسكرية موجهة داخلياً لتكريس القبضة الأمنية”، و”تصعيد غير مباشر خارجياً”، كما يراه “هروب إلى الأمام” يهدف إلى حشد “لحظة وطنية” للنظام الجزائري.

وقال أستاذ القانون الدستوري، موسى بودهان، إن القصد من مشروع قانون التعبئة العامة هو إعادة تنظيم وتحسين الإطار القانوني الموجود، كما هو الحال في قانون الطوارئ أو الحصار المعمول به سنة 1991، والذي تم التخلي عنه.

واعتبر بودهان -في حديث خص به الجزيرة نت- أن الذهاب نحو إطار قانوني جديد خاص بحالة التعبئة العامة خطوة لا بد منها، كونها تُمكّن الدولة بمختلف مكوناتها من تسخير قدراتها البشرية والمادية والاقتصادية والسياسية لمواجهة حالات استثنائية.

كما تحدث عن ضرورة التفريق بين إقرار التعبئة العامة والمصادقة الخاصة على مشروع القانون المتعلق باستخدامها، “فالفرق شاسع وكبير جدا، خصوصا أن مجلس الوزراء لم يقر التعبئة العامة ولم يذهب إلى إعلان هذه الحالة المنصوص عليها في المادة، بل ذهب إلى المصادقة على مشروع القانون الخاص بها”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى