الرئسيةرأي/ كرونيك

إلى متى هذا الصمت المخزي؟

 

 

بقلم: أنيس بلافريج

لم نعد نحتمل الصمت امام المجازر اليومية في غزة.
كل من له إنسانية تغامره الحسرة والغضب ولم يعد يطيق مشاهدة الأطفال وهم أشلاء ويحرقون احياءً والناس يهومون جياع وسط ركام المباني والرضع تموت بالجوع وعدم العناية وكل إنسان معرض للقصف الوحشي والاعمى في كل لحظة وفي كل مكان من والليل والنهار.

لقد عبرت الجماهير عن غضبها خلال التظاهرات العديدة في كافة أنحاء المغرب مطالبة السلطة العليا في البلاد باتخاذ الاجراءت اللازمة للتضامن العملي مع الشعب الفلسطيني وأولها قطع كل العلاقات مع الكيان المجرم ومنع السفن المحملة بالعتاد العسكري الأمريكي باستعمال الموانئ المغربية في طريقها الى حيفا.

لقد مرت خمس سنوات على انخراط المغرب في اتفاقيات أبرهام المشؤومة وتبيٌن الان ان الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء لا يغير شيئاً في وضع الصحراء فهو لا يزال كما كان ولا نرى حلاً في الأفق.

بالمقابل وخلال الخمس سنوات الماضية ، تغلغلت إسرائيل في عمق المغرب وفُتِحت لها الأبواب في قطاعات عديدة نذكر منها الصناعة العسكرية والغذائية والفلاحة والمياه والطاقة والسياحة والنقل والتعليم والصحة والتجهيزات الإلكترونية للرصد والتجسس وتزويد المغرب بقمر اصطناعي ومنح رخص للتنقيب عن البترول في الشواطئ واخيراً توقيع عقد لاستغلال حقل مع شركة اسرائيلية على عرض شواطئ الداخلة.

فالحصيلة هي ان المغرب باع استقلاله وموارده ومستقبل أجياله مقابل لا شيئ.

للتذكير فان الصهيونية ليس استعمار كما عرفناه في بلادنا في القرن الماضي ، بل إنه استعمار استئصالي
توسعي له اطماع الهيمنة على العالم العربي.

فما يسمى اتفاقيات أبرهام ما هو إلا بداية تنفيذ هذا المخطط الذي يشمل زرع الثقافة “الأمازيغية – اليهودية” مقابل الهوية المغربية الإسلامية ومواجهة طموح الشعب المغربي لنظام ديمقراطي يسود فيه القانون والعدالة الاجتماعية وبلورة محيط اجتماعي موالي للصهيونية كحضينة لمشروع إسرائيل الكبرى وهيمنتها على المنطقة.

فوضع المغرب خطير للغاية فهو في مفترق طرق بين الخضوع للهيمنة الأمريكية الصهيونية وعواقبها المدمرة والتخلي عن تحرير فلسطين والمسجد الأقصى وبين اتخاذ موقف جريئ ينسحب من اتفاقية ابرهام حفاظا على استقلال المغرب وثوابتة الوطنية التاريخية.

عاش المغرب لحظة تاريخيّة شبيهة في عهد الحماية لما تمرد الملك محمد الخامس على المقيم العام الفرنسي بالرباط في أوت 1953 واختار ان ينسجم مع طموح الشعب والنضال الوطني من اجل الاستقلال بدل ان يكون سلطان يحركه الاستعمار الفرنسي كما يشاء.
ففضل المنفى على العرش.

الظروف الراهنة اكثر تعقيدا والمخاطر تحيط بالمغرب من كل جهة والأعداء كثر ، ولكن لا يجب ان نفقد البوصلة ونتبع إغراءات المال والوعود الوهمية.

فالمعادلة الراهنة مثل المعادلة ايام الحماية:

هل سندافع عن كرامتنا وعن وجودنا كأمة موحدة تربطها علاقات متينة تفوق الألف سنة مع باقي الدول العربية والإسلامية ونصلح بيتنا كما نصت عليه وثيقة المطالبة بالاستقلال في 11 يناير 1944 وبموافقة الملك الراحل محمد الخامس؟

ام سنغرق في مخطط الاستعمار الصهيو الأمريكي ونفقد كل مكتسبات الاستقلال ونقبل العيش أذلاء تحت وطأة إسرائيل؟

رجوعا إلى غزة فأي تضامن مع شعب فلسطين المعرض للإبادة الجماعية والتهجير القسري يقتضي قطع العلاقات مع مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية.

قطع العلاقات بين المغرب واسرائيل سيكون بمثابة زلزال لحكومة نتانياهو وربما سيؤدي إلى سقوطها.
وسيبدا المغرب مرحلة جديدة في إصلاح ما مضى.

فهل المغرب سيفعل ؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى