
أولمبياد آسيا تعيد أمجاد العرب في الفيزياء
نجيمة غزالي طاي طاي*
لقد أدهشني التطور الكبير الذي تشهده المملكة العربية السعودية وحسن تنظيمها لمنافسات النسخة الـ25 من أولمبياد الفيزياء الآسيوي 2025، التي تقام في رحاب جامعة الملك فهد للبترول والمعادن بمدينة الظهران، خاصة عندما رأيت الافتتاح الذي شهد عروضًا مرئية تجسد المكانة العلمية المتنامية للمملكة، وعروضًا لفقرات فنية مستمدة من التراث السعودي إضافة إلى برنامج الأولمبياد الذي يشمل زيارات تعليمية وفعاليات ثقافية وترفيهية، تتيح للمشاركين من الطلبة والمشرفين استكشاف الإرث الحضاري والتطور التنموي الذي تشهده المملكة؛ الأمر الذي يسهم من – وجهة نظري- في تعزيز العلاقات بين السعودية والدول المشاركة، وفي الوقت ذاته يروج للسياحة الداخلية للمملكة، ويبين مواكبتها وتطلعها نحو مستقبل سيفوق التقدم الأوربي، وذلك مع دعم كامل من الملك سلمان بن عبد العزيز خادم الحرمين الشريفين وولى عهده الأمير محمدللتعليم و الشباب والشابات في السعودية، للمساهمة في بناء جيل مبدع من قادة المستقبل، يسهمون في دفع واستمرار مسيرة التقدم والازدهار.
فنظرة عابرة لتاريخ هذه الأولمبياد تكشف لنا عن قدرة فائقة قامت بها وزارة التعليم، ومؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع “موهبة”، وجامعة الملك فهد للبترول والمعادن في التنظيم لهذا الحدث فبداية هذه الأولمبياد كانت في الألفية الجديدة 1999- 2000م، بمشاركة من 12 دولة فقط واليوم صار يتنافس فيها نحو 30 دولة على أرض المملكة تحت شعار يدل على شديد الاهتمام بالنظرة إلى غد أكثر تفاؤلًا وإشراقًا “معًا، نولد طاقة المستقبل”.
وهذا الشعار يؤكد أن اتحادنا وتعاوننا جميعًا نحو العلوم التطبيقية ومنها الفيزياء سيعيد مجدنا لاستعادة ما كنا نتفوق فيه، فقد برع العلماء الآسيان في مجال الفيزياء وما زالت أعمالهم تُدَرَّس إلى يومنا هذا، فالعالم العربي الشهير حسن بن الهيثم قدَّم إسهاماتٍ كبيرة في الرياضيات، والبصرياتِ، والفيزياءِ، وعلم الفلكِ، والهندسةِ، وطبِّ العيون، والفلسفةِ العلمية، والإدراكِ البصريِّ، وتعد الكاميرا التي توثق أحداثنا اليومية هي أحد ابتكاراته، كذا العالم الموسوعي ابن سينا البخاري، كان له بعض الإنجازات في علم الرياضيات وفي الطبيعة في مجال علم الميكانيكا، حيث بيّن أنواع القوى، وعناصر الحركة، إضافة إلى نبوغه في الطب، والعالم الموسوعي الخوارزمي الذي ترك لنا العديد من المؤلفات في علوم الرياضيات والفلك والجغرافيا، وأرسى الأساس للابتكار في الجبر وعلم المثلثات، وعلماء كثير غيرهم.
وبهذه المناسبة اعتز وافتخر بوطني المملكة المغربية بقيادة الملك محمد السادس، الذي يحرص على دعم علماءنا وجامعاتنا للاتجاه نحو العلوم التطبيقية لمواصلة جهود علماء الآسيان السابقين فمنذ سنوات وتحديدًا في 2021م أفضت نتائج التصنيف العالمي “شنغهاي” للحقول المعرفية، إلى تصنيف 4 جامعات مغربية في مراكز متقدمة ضمن أفضل 500 جامعة عالميًا في تخصص علوم الفيزياء، حيث تفوقت جامعات مملكتنا: جامعة محمد الأول بوجده – جامعة محمد الخامس بالرباط – جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء – جامعة القاضي عياض بمراكش، على جامعات الوطن العربي، وجاءت إبلاغات الصحف وقتها: المغرب يحتل المرتبة الأولى في تصنيف شنغهاي من حيث عدد الجامعات المصنفة على المستوى العربي متقدما على كل من مصر (جامعتان) والمملكة العربية السعودية (جامعتان) وقطر (جامعة واحدة)، كما احتل المغرب المرتبة الأولى على المستوى الإفريقي بالتساوي مع جنوب إفريقيا (أربع جامعات).
إنني استبشر خيرًا بهذه الأولمبياد المقامة على أرض المملكة العربية السعودية – العزيزة على كل قلوبنا- فهي تعيدنا إلى الطريق الصحيح نحو التميز لأجل مستقبل أفضل لبلادنا العربية والآسيوية.
*وزيرة التعليم المغربية السابقة وأستاذة زائرة لعدد من الجامعات الاوربية والعربية