في أمسية احتفالية جمعت بين السحر السينمائي والأناقة المتقنة، نظّمت مؤسسة البحر الأحمر السينمائي “مؤسسة مستقلة غير ربحية ” حفل “المرأة في السينما” مساء الخميس 15 مايو، على هامش الدورة الثامنة والسبعين من مهرجان كان السينمائي الدولي. المناسبة التي تحوّلت إلى نقطة ضوء في أجندة المهرجان، لم تكتف بالاحتفاء بجمال الإطلالات، بل كرّست منصة لتكريم نساء صنعن فرقاً في صناعة السينما، داخل الكاميرا وخارجها.
رسالة تتجاوز البهرجة
جاء هذا الحفل كتجسيد فعلي للتحولات التي تشهدها الصناعة السينمائية، خصوصاً في ما يتعلق بموقع النساء داخلها، فقد تم تكريم “سبع نساء” من جنسيات وخلفيات مختلفة، تقديراً لمساهماتهن في تطوير المشهد السينمائي وإثرائه بقضايا تمس الواقع وتعكسه بجرأة، تميز الحضور بتنوع لافت جمع نخبة من النجوم وصنّاع السينما، عرباً وغربيين، كان من بينهم المنتج “فيصل الطيور” ، النجمة “يسرا،” جيسيكا ألبا” ، “هنا العمير”، ” رزان جمال”” كاثرين دينوف”،” شانينا شايك”،” ظافر العابدين”، وغيرهم من الوجوه الفنية البارزة.
إطلالات بحس فني ورسائل رمزية
رغم أن السجادة الحمراء غالباً ما تُقرأ كاستعراض بصري، إلا أن اختيارات النجمات هذه المرة حملت بصمات تتجاوز الموضة إلى الهوية والموقف.
حيث تألقت “جاكلين فرنانديز” بفستان ياقوتي من الساتان بتفاصيل كشاكش عند الأكتاف، يزاوج بين الرومانسية والجرأة، مسلطة الضوء على حضور أنثوي لا يخشى البروز. زينت طلتها بمجوهرات من الياقوت والألماس وتسريحة شينيون كلاسيكية.
فيما اختارت النجمة السعودية “إلهام على” فستاناً أسود برّاقاً من تصميم أنطوان القارح، مطرّزاً بالكريستال والخرز، مع ياقة أنيقة تلتف حول العنق. لكنها لم تكن فقط إحدى أبرز الإطلالات، بل أيضاً واحدة من المكرمات لهذا العام. وفي كلمتها خلال الحفل، قالت:
“هذا التكريم ليس لي وحدي، بل لكل امرأة تكافح من أجل حقها في التعبير. السينما مرآتنا، وعندما نحكي قصصنا بصدق، نغيّر العالم.”
من جهتها، استعادت “أمينة خليل (26 أكتوبر1988[2][3] -)، ممثلةمصرية ” روح العشرينيات بفستان معدني يمزج الذهبي والفضي، بخيوط خرزية متلألئة وحمالات رفيعة،و في حديثها، ربطت بين الماضي والحاضر قائلة:
“من زمن كان فيه الحلم محرّماً على النساء، اليوم نقف لنصنع فناً حراً لا يخاف، ولا يُخيف.”
جيسيكا ألبا اختارت الكلاسيكية السوداء من رايتشل غيلبيرت، مع وردة قماشية كبيرة عند الصدر وطوق ماس ضخم بحجر صافير بنفسجي، لتؤكد أن الأناقة قد تكون أيضاً فعل مقاومة للزمن والسطحية.
لتشع النجمة” رزان جمال” ببريق هوليوود الخمسينيات بفستان برغندي بياقة هالتر من قماش ثلاثي الأبعاد، في أسلوب “غلامور” درامي يزاوج بين الأنوثة والحضور القوي، مشيرة إلى أن:
“الجمال الحقيقي يكمن في القوة الداخلية. كل فستان نحمله الليلة، يروي قصة عن امرأة لم تُسكت.”
إيزا غونزاليس اتجهت نحو البساطة المينيمالية، بفستان كراميل ضيق وناعم من توقيع Ludovic De Saint Sernin، نسقته مع عقد ألماس ومكياج نيود، لتقدم درساً في كيف تُحكى الأناقة بلغة خافتة واثقة.
كما لفتت “شانينا شايك” الأنظار بقفطان فضي مهيب من زهير مراد، مطرز بأحجار براقة ولؤلؤ ناعم، في دمج شرقي-غربي ينقل القفطان إلى السجادة الحمراء العالمية، مؤكدة على ما للثقافة العربية من جمالية تتخطى الحدود.
* أما “أليساندرا أمبروسيو” ، فقد اختارت الأسود المخملي الممزوج بالساتان الحريري، موقعة من زهير مراد أيضاً، وزينت إطلالتها بوشاح حريري وقفازات مرصعة، لتضفي طابعاً مسرحياً يليق بمهرجان سينمائي عريق.
لتطل “يسرا”،إحدى الأيقونات العربية، بفستان أسود بتوقيع طوني ورد، يجمع بين المخمل والساتان بقصة أميرية منفوخة، تحاكي مكانتها في السينما المصرية والعربية. وفي كلمتها، شددت على أهمية هذه اللحظات بقولها:
“نحتاج إلى منصات كتلك، لتضيء طريق النساء في السينما.
المرأة ليست فقط موضوعاً للكاميرا، بل هي من يدير الكاميرا ويكتب القصة ويصنع الإبداع.”
حفل بتوقيع التحول
ما يجعل “المرأة في السينما” أكثر من مجرد حفل هو وعيه باللحظة التاريخية، إنه إعلان ضمني عن نضج ثقافي، بأن السرديات تتغير، وأن تمثيل النساء لا يجب أن يُقاس بعدد الأدوار، بل بنوعيتها، وبقدرة المرأة على إنتاج خطاب سينمائي عادل.
وبينما بدت السجادة الحمراء وكأنها مشهد من فيلم فخم، فإن خلف الأقمشة الفاخرة والماكياج المتقن، برزت شخصيات نسائية تقود تحولات في العالم العربي والغربي، كل بطريقتها، وكل بلغة السينما التي تتقنها.