الرئسيةمجتمع

تفكيك شبكة دولية لتهريب سيارات فاخرة نحو المغرب وموريتانيا

في عملية أمنية محكمة تُظهر مدى تنامي شبكات الجريمة المنظمة  عابرة للحدود ، تمكنت وحدة تحليل المخاطر بميناء “الخُوزيرات” الإسباني، المعروفة اختصارًا بـ(ULAR)، من توجيه ضربة نوعية ضد شبكة دولية مختصة في تهريب السيارات الفاخرة المسروقة.

جرت العملية بتنسيق دقيق بين عناصر الحرس المدني الإسباني ومصالح الجمارك، و أسفرت عن إحباط مخطط تهريبي معقد استهدف الأسواق المغربية والموريتانية، وذلك عبر بوابة ميناء طنجة.

عملية استمرت شهراً… ونتائجها ثقيلة

طوال شهر أبريل، اشتغلت الأجهزة الأمنية الإسبانية على رصد وتتبع شحنات مشبوهة قادمة من أمريكا الشمالية، لتُسفر التحريات الدقيقة عن ضبط 18 سيارة فاخرة داخل حاويات تجارية بميناء الجزيرة الخضراء، كانت مُعدة لإعادة التوزيع نحو أسواق ثانوية، من بينها ميناء طنجة، مدينة سبتة الخاضعة للاحتلال الإسباني، والسوق الموريتانية.

فيما تنتمي السيارات المصادرة إلى علامات تجارية عالمية مرموقة مثل Rolls Royce، وRange Rover، وAudi، وتُقدر قيمتها الإجمالية بنحو 1.5 مليون يورو، مما يكشف عن حجم الاستثمارات التي تضخها هذه الشبكات في أنشطة إجرامية تتجاوز سرقة المركبات إلى عمليات لوجستية عالية الاحترافية.

أمريكا الشمالية نقطة الانطلاق

التحقيقات التي شاركت فيها أيضًا هيئة الجمارك وحماية الحدود الأمريكية، كشفت أن 16 سيارة من أصل 18، تم شحنها من الولايات المتحدة _ تضمُّ خمسِين وِلاية_حيث جرى تمريرها داخل حاويات تجارية مموهة، قُصد بها تضليل أنظمة التفتيش، أما السيارتان المتبقيتان، فتبيّن أنهما سُرقتا من دول أوروبية لم يُكشف عن أسمائها بعد، ما يعكس الطابع الدولي المعقّد لهذه الشبكة.

وثائق مزوّرة واعتقالات

خلال فحص الوثائق المرافقة للشحنات، تمكنت السلطات من رصد تلاعبات واضحة في أوراق التسجيل ورخص الملكية، وهو ما قاد إلى توقيف شخصين يُشتبه في تورطهما في عملية تمرير هذه المركبات. ويُرجّح أن يكون الموقوفان جزءاً من شبكة أكبر تضم وسطاء ووكلاء شحن ومُعدّي وثائق مزوّرة، ما يفتح الباب أمام تحقيقات أوسع على المستوى الأوروبي والدولي.

ميناء طنجة في قلب المخطط

تُسلّط هذه العملية الضوء على استغلال شبكات التهريب للموقع الاستراتيجي لميناء طنجة، الذي يُعد بوابة عبور حيوية بين أوروبا وأفريقيا، ورغم الجهود المغربية المكثفة في مكافحة التهريب وغسل الأموال، فإن انخراط المغرب، عن غير قصد، كسوق نهائية أو محطة عبور لمثل هذه الأنشطة غير القانونية، يُبرز الحاجة لتوسيع التنسيق الأمني والاستخباراتي بين الضفتين.

تجارة مربحة… ومخاطر متصاعدة

باتت تجارة السيارات الفاخرة المسروقة واحدة من أكثر الأنشطة الإجرامية ربحاً، إذ تجمع بين السرعة في التوزيع وصعوبة التتبع، خصوصاً عند تزوير الوثائق أو إعادة بيعها في أسواق إفريقية غير مرتبطة بمنظومات التتبع الأوروبية أو الأمريكية، وتستفيد هذه الشبكات من نقاط الضعف في الرقابة الجمركية بين بعض الدول، بالإضافة إلى تواطؤ محتمل من موظفين في شركات شحن أو موانئ.

تحقيقات مستمرة… وتعاون دولي حتمي

في ذات السياق، لا تزال التحقيقات جارية لفك خيوط الشبكة وتحديد المتورطين المحتملين داخل وخارج إسبانيا، ومن المرتقب أن تشهد المرحلة المقبلة تعاوناً أوسع بين سلطات الجمارك الأوروبية والأمريكية ونظيراتها في شمال أفريقيا، من أجل تطويق هذا النوع من التهريب عالي المخاطر.

في النهاية، تُبرز هذه العملية، بما لا يدع مجالاً للشك، أن الجريمة المنظمة باتت أكثر تعقيداً عما مضى، تتقن التمويه والتخطيط العابر للقارات، وتستغل ثغرات القانون والتقنيات الحديثة لأغراض إجرامية، ومع تصاعد وتيرة هذه الأنشطة، يظل تعزيز التعاون الدولي وتطوير أدوات التحليل الجمركي والاستخباراتي أمراً لا مفر منه في مواجهة “عصابات العجلات الذهبية”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى