
في سياق دينامية ترافعية مستمرة، عقد وفد عن المكتب الوطني للجمعية المغربية لحماية المال العام، يومه الثلاثاء 3 يونيو الجاري، بمقر مؤسسة وسيط المملكة بالرباط، لقاءً مع هذه الأخيرة بحضور رئيسها حسن طارق.
اللقاء شكّل محطة جديدة في مسار الجمعية الهادف إلى الدفع بملف مكافحة الفساد ونهب المال العامhttp://تقارير المجلس الأعلى للحسابات إلى واجهة النقاش العمومي والتشريعي.
وفي تصريح عقب الاجتماع، أكد رئيس الجمعية، محمد الغلوسي، أن اللقاء كان فرصة لتسليط الضوء على عدد من الإشكالات المرتبطة بمنظومة الوقاية من الفساد، في ظل ما وصفه بـ”الجمود التشريعي والمؤسساتي” الذي يعيق تحقيق اختراقات حقيقية في هذا الورش.
إصلاحات تشريعية معلقة
الوفد الترافعي للجمعية شدد على ضرورة تجريم الإثراء غير المشروع وتضارب المصالح، بالإضافة إلى إعادة النظر في قانون التصريح الإجباري بالممتلكات، باعتبارها ركائز أساسية لإرساء الشفافية وتعزيز النزاهة في تدبير الشأن العام.
كما طالب بتفعيل أدوار مؤسسات الحكامة وتخليصها من منطق التزيين الشكلي، وجعلها فاعلًا حقيقيًا في تنزيل مضامين الدستور، خاصة في ما يتعلق بربط المسؤولية بالمحاسبة.
وضعية “شاذة” تتعلق بالجمعيات
ومن بين النقاط المثارة خلال اللقاء، وفقًا لما صرح به الغلوسي، استمرار ما وصفه بـ”التعامل المزاجي” لبعض السلطات مع الجمعيات الحقوقية، من خلال حرمانها من وصول الإيداع القانونية، بما في ذلك جمعية حماية المال العام، وهو ما اعتبره وضعًا شاذًا يتنافى مع القانون والدستور، ويقوّض مبدأ حرية التنظيم.
انتقادات لمواد مثيرة للجدل في مشروع قانون المسطرة الجنائية
اللقاء لم يخلُ من انتقادات واضحة لبعض مضامين مشروع قانون المسطرة الجنائية، خصوصًا المادتين 3 و7، حيث اعتبرت الجمعية أن تمريرهما بصيغتهما الحالية يشكل خطرًا على سلطة المجتمع في تتبع السياسات العمومية والتبليغ عن جرائم الفساد.
كما نبهت إلى أن المادتين تمسّان باستقلالية النيابة العامة في التصدي القانوني لجرائم المال العام، وتُكرّسان ما وصفته بـ”امتياز غير دستوري” لفئات بعينها في تدبير الشأن العام، في ضرب صارخ لمبدأ المساواة أمام القانون المنصوص عليه في الفصل السادس من الدستور.
نحو جبهة مجتمعية ضد الفساد
في ختام اللقاء، عبّر وفد الجمعية عن انفتاحه على كافة المؤسسات والأحزاب السياسية، سواء من الأغلبية أو المعارضة، لعقد لقاءات مباشرة وشرح موقف الجمعية من الملفات المرتبطة بتخليق الحياة العامة.
وأوضح الغلوسي أن الجمعية تراهن على فتح نقاش عمومي مسؤول، بدل تهريب النقاش أو تجزيئه، مؤكدًا أن محاربة الفساد ليست ترفًا نخبويًا، بل “قضية دولة ومجتمع تحتاج إلى إرادة سياسية وشراكات حقيقية”.