الرئسيةحول العالمسياسةمغاربية

بين الحلم والمقاطعة… استفتاء إيطالي قد يفتح أبواب الجنسية أمام ملايين المهاجرين

في لحظة فارقة من تاريخها، تجد إيطاليا نفسها أمام استحقاق سياسي واجتماعي غير مسبوق، حيث يُدعى المواطنون يومي الأحد والاثنين للتصويت في استفتاء قد يغير مصير ملايين المهاجرين الذين يعيشون على هامش المواطنة الكاملة.

الاستفتاء الذي أطلقته منظمات مجتمع مدني ونقابات، يسعى إلى خفض المدة القانونية المطلوبة للحصول على الجنسية من عشر سنوات إلى خمس، بما يسمح لنحو 2.5 مليون مهاجر أغلبهم من خارج الاتحاد الأوروبي بالتقدم بشكل أسرع للحصول على حق المواطنة، ومن بين هؤلاء مئات الآلاف من المغاربة، الذين يشكلون واحدة من أكبر الجاليات في البلاد.

جيل وُلد في الظل

رغم أنهم يعيشون في إيطاليا منذ سنوات، يذهبون إلى المدارس، يعملون، ويدفعون الضرائب، إلا أن ملايين المهاجرين محرومون من الجنسية، بل وحتى من أبسط حقوق المشاركة السياسية أو الشعور بالانتماء الكامل. فالقانون الحالي لا يمنح الطفل المولود على الأراضي الإيطالية من أبوين أجنبيين حق الجنسية تلقائياً، بل عليه الانتظار حتى يبلغ سن 18 سنة لتقديم الطلب، وهي نقطة يعتبرها كثيرون ظلما  قانونيا ومجتمعياً.

من المغرب إلى الأرجنتين… طوابير الانتظار واحدة

تشير الإحصاءات إلى أن أكثر من 90% ممن حصلوا على الجنسية الإيطالية عام 2023 ينتمون إلى بلدان خارج الاتحاد الأوروبي، وعلى رأسهم مواطنون من المغرب، ألبانيا، البرازيل والأرجنتين. لكن الحصول على الجنسية لم يكن سهلاً ولا سريعاً. فالإجراءات معقدة والمدة طويلة، ما يجعل من الاستفتاء الحالي فرصة نادرة لتقليص تلك المسافة القانونية بين من يعيش في البلاد ومن يُعترف به كمواطن كامل الحقوق.

سياسة المقاطعة بدل النقاش

غير أن الحكومة اليمينية بقيادة جورجيا ميلوني لا ترى في هذا الإصلاح أولوية، بل تعتبره خطراً على “الهوية الوطنية”. وبينما تعزز خطاباتها حول الحد من الهجرة غير الشرعية، اختارت طريق المقاطعة، داعية المواطنين إلى عدم التصويت. ذلك لأن الاستفتاء لن يكون ملزماً إلا إذا شارك فيه نصف الناخبين زائد واحد.

خطوة فُسّرت على نطاق واسع كمحاولة لإفشال الإصلاح دون الدخول في مواجهة سياسية مباشرة مع ملايين العائلات التي تنتظر هذا التغيير.

جنسية ليست امتيازاً، بل حق

بالنسبة للعديد من المدافعين عن حقوق الإنسان، فالمسألة تتجاوز الإجراءات القانونية إلى مبدأ الإنصاف، لماذا يُمنع شاب من التصويت أو الالتحاق بالوظيفة العمومية فقط لأنه وُلد لأبوين أجنبيين؟ ولماذا يبقى رب أسرة مهاجر مقيّداً بوضع قانوني هش رغم عشرات السنين من العمل والإقامة في البلاد؟

في نهاية المطاف، لا يتعلق هذا الاستفتاء فقط بالجنسية، بل باعتراف رسمي وفعلي بمكانة المهاجرين في المجتمع الإيطالي. فالمواطنة ليست مجرد وثيقة، بل عقد ثقة متبادل، يعترف بالانتماء مقابل الالتزام.

وفيما تترقب الجاليات نتائج التصويت، يبقى السؤال الأكبر؛هل تختار إيطاليا أن تكون بلداً لكل من يسهم في بنائه، أم تستمر في ترسيم حدود الانتماء بجدران قانونية واجتماعية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى