أمام تكرار الاختراقات السيبرانية… من يحمي بيانات المغاربة؟
10/06/2025
0
بقلم: بثينة المكودي
في حادثة تعد من اخطر ما تم تداوله على الساحة الرقمية في المغرب، اعلنت مجموعة قرصنة تطلق على نفسها اسم “جبروت” مسؤوليتها عن اختراق وزارة العدل وتسريب معطيات تخص القضاة ورواتبهم، ورغم خطورة هذا الادعاء، يظل الصمت الرسمي سيد الموقف، دون اي توضيح او نفي، اللهم إعلان النيابة العامة في بلاغ مقتضب قراراها فتح تحقيق حول هذه الادعاءات.
ليست هذه المرة الاولى التي تستهدف فيها مؤسسات عمومية حساسة بعمليات اختراق رقمي. فقبل اشهر فقط، تم تداول انباء عن اختراق صندوق الضمان الاجتماعي وتسريب معطيات الاف المؤمنين، تلاها تسريب مماثل طال المحافظة العقارية، حيث جرى عرض بيانات عقارات مغاربة للبيع في منتديات مظلمة.
وفي جميع هذه الحوادث، اتسمت ردود فعل المؤسسات الرسمية اما بالتأخر او بالتكتم، ما يثير اكثر من علامة استفهام حول جاهزية المغرب لمواجهة تصاعد الحرب السيبرانية.
ماذا يعني ان تخترق وزارة سيادية؟
وزارة العدل ليست مجرد ادارة عادية، بل جهاز سيادي يرتبط بشكل مباشر بمفاصل الدولة، وبانظمة العدالة، والمعطيات القضائية الحساسة، و تسريب بيانات القضاة واجورهم _ان حدثت طبعا_ ليس فقط اختراقا تقنيا، بل رسالة ضمنية تهدد الثقة في امن الدولة المعلوماتي، ولذلك وزارة العدل ملزمة بتقديم توضيحات حول هذه الادعاءات التي تتغدى عليها العديد من وسائط الإعلام، ومواقع التواصل الاجتماعي,
الاخطر ان هذا النوع من الاختراقات ان حدثت لا يهدد فقط مؤسسات الدولة، بل يعرض بيانات المواطنين للخطر، ويفتح الباب امام استعمالات مشبوهة لهذه المعطيات، سواء في النصب والاحتيال او الابتزاز او حتى التاثير على سير العدالة.
صمت رسمي ام غياب استراتيجية؟
يبقى السؤال الاهم لماذا هذا الصمت الرسمي؟
هل هو غياب لاستراتيجية تواصلية واضحة؟ ام تعبير عن عدم امتلاك الجهات المعنية لمعلومات دقيقة؟ ام ان الدولة تفضل المعالجة الصامتة لمثل هذه الهجمات حتى لا تثير الذعر او الاعتراف بالفشل؟
في المقابل، ترك الراي العام دون تفسير يضعف الثقة في المؤسسات، ويغذي مناخ الاشاعة وعدم اليقين، بل يعطي صورة قاتمة عن مستوى الحماية الرقمية في البلاد.
قانون بلا تفعيل؟
رغم وجود قوانين في المغرب تؤطر حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، وعلى راسها القانون رقم 09.08، فان فعالية هذا الاطار القانوني تطرح على المحك، ما نفع النصوص اذا لم ترفق بمحاسبة صارمة للجهات المسؤولة عن تامين البيانات؟ وما فائدة المؤسسات مثل اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات الشخصية CNDP اذا لم يصدر عنها اي تعليق او تحرك في هذه الاحداث المتتالية؟
الحرب لم تعد على الحدود… بل على الخوادم الالكترونية
تعيش الدول اليوم تحولات عميقة في مفهوم السيادة، فالحروب الحديثة لم تعد تخاض فقط على الارض، بل على الخوادم الالكترونية، واستهداف مؤسسات حيوية لا يقل خطورة عن استهداف الثكنات او البنى التحتية.
ومع تزايد رقمنة الادارات والخدمات، تصبح الحاجة الى وكالة وطنية فعالة ومستقلة للامن السيبراني اكثر من ضرورة، فالامر لم يعد يخص وزارة او مؤسسة بعينها، بل يمس الامن القومي برمته.
من يحاسب؟
في ظل كل هذه الحوادث المتكررة، من يحاسب على هذه الثغرات؟ هل هناك تحقيقات مفتوحة؟ هل اقيل احد؟ هل جرى تقييم للبنية التحتية الرقمية في المؤسسات العمومية؟
ما نحتاجه اليوم ليس فقط حماية الكترونية، بل مساءلة حقيقية وشفافية كاملة، فمن حق المواطن المغربي ان يعرف، هل بياناته في امان؟ وهل هناك من يسهر فعلا على حمايتها؟ ام ان الخصوصية اصبحت مجرد شعار في زمن “التحول الرقمي”؟