الرئسيةسياسة

مليارديران في وفد رسمي للحج يثير جدلا وغضبا

تحرير: جيهان مشكور

أثار ظهور اثنين من أبرز أثرياء مدينة طنجة ضمن الوفد الرسمي المغربي إلى الحج، وقد استفادوا من خدمات فاخرة ممولة من المال العام، موجة استياء عارمة في أوساط الحجاج المغاربة، الذين اعتبروا الأمر “استفزازاً” لمشاعر المواطنين الذين تكبدوا نفقات باهظة لأداء هذه الفريضة.

الوفد الذي رافقه الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالاستثمار والتقائية وتقييم السياسات العمومية، ضمّ رجلين يُعرفان في الأوساط الاقتصادية والاجتماعية بالمدينة بكونهما من كبار المليارديرات، يمتلكان مشاريع عقارية ضخمة بطنجة، ومصانع للنسيج والزليج بإقليم برشيد، فضلاً عن ضيعات فلاحية مترامية الأطراف.

الأغنياء يستفيدون من دعم الدولة حتى في الحج

وبحسب شهادات بعض الحجاج، فإن عددًا من المغاربة دفعوا مبالغ تتجاوز 90 مليون سنتيم مقابل باقات VIP خلال موسم الحج، ليتفاجؤوا بوجود هذين الشخصين في نفس الإقامة الفاخرة التي قُدّمت لهم مجانًا، والتي تفوق في مستوى خدمتها حتى عروض VIP التجارية، حيث تضمنت الإقامة في أفخم الخيام بمشعر منى، وخدمات راقية تشمل خرفان مشوية وأطباق طعام فاخرة، بالإضافة إلى توفير سيارات خاصة للتنقل.

وقال أحد الحجاج المغاربة الذين أدّوا مناسك الحج هذا العام ضمن الباقة الخاصة لـ VIP، في تصريح لـجريدة “دابابريس” ، إن “ما صُرف على هذين الشخصين من المال العام في موسم الحج كان كفيلاً بتغطية مصاريف عشرات المواطنين من ذوي الدخل المحدود”، مضيفاً: “إذا كان الأغنياء يستفيدون من ميزانية الدولة حتى في الحج، فمتى يُرفع عن كاهل المواطن العادي هذا الظلم؟”.

فيما طرح الحجاج تساؤلات مشروعة حول الجهة التي سمحت بإدراج اسمي هذين المليارديرين ضمن الوفد الرسمي، علماً أن هذا الوفد يُخصَّص عادةً لكبار مسؤولي الدولة من وزراء، ولاة، عمال، شخصيات دبلوماسية، إضافة إلى بعض الفنانين والرياضيين السابقين، فضلاً عن أطر وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية.

و في هذا السياق، أشار مصدر مطلع على ترتيبات الوفد الرسمي، في حديث خاص، إلى أن “اللائحة الرسمية تُعدُّ غالباً بالتنسيق بين أكثر من جهة حكومية، لكن حالات التسلل لأسماء غير مؤهلة للمرافقة تبقى واردة، خصوصاً إذا تم تمريرها من طرف شخصيات نافذة”، و أضاف، مؤكداً أن “الأمر يستوجب فتح تحقيق إداري لتحديد المسؤوليات وضمان الشفافية في المواسم المقبلة”.

الوزارة الوصية تؤكد انها تسهر فقط على الجانب التنظيمي

من جهتها، نفت مصادر بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية أن تكون لها علاقة مباشرة باختيار جميع الأسماء ضمن الوفد الرسمي، مؤكدة أن الوزارة “تسهر فقط على الجانب التنظيمي والديني للحجاج، فيما تُحال اللوائح النهائية على المصالح العليا للمصادقة”.

وتأتي هذه القضية في ظل استمرار تداعيات “فضائح تأشيرات المجاملة” التي هزّت السفارة السعودية بالرباط خلال السنوات الماضية، حيث كشفت تقارير عن تورط وسطاء ووكالات في بيع تأشيرات الحج مقابل مبالغ مالية ضخمة، ما دفع السلطات السعودية إلى سحب هذه التأشيرات من السفارات وإخضاعها للمركزية المباشرة من الرياض، في إطار خطة لإصلاح شامل في تدبير موسم الحج، الذي عرف هذا العام تنظيمًا وصف بـ”غير المسبوق”.

وتطرح هذه الواقعة مجدداً سؤال النزاهة والعدالة في تدبير بعض الامتيازات التي تُمنح باسم الدولة، خاصة في مناسبات دينية يفترض أن تسودها المساواة والبعد الروحي، بعيداً عن مظاهر التباهي الطبقي واستغلال النفوذ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى