الرئسيةبيئةمجتمع

فضيحة النباتات الزائلة بطنجة: تبذير و”خداع أخضر” على حساب المال العام

تحولت «ساحة سور المعكازين» بطنجة من فضاء تاريخي إلى مسرح لفضيحة بيئية واقتصادية تحمل بصمات شركة “صوميكوتراد” المكلفة بتزيين الساحة بمشروع زراعة النباتات، و الذي تحول إلى كارثة حقيقية تُلقي بظلالها على مصداقية المسؤولين والمراقبين.

و كشف مصدر مطلع  تفاصيل مثيرة عن كيفية تزيين الساحة، مشيراً إلى أن الشركة المذكورة لم تزرع سوى نباتات وأغراس فصلية لا تتجاوز مدة حياتها 6 أشهر، في حين كان المفترض اعتماد نباتات معمرة تدوم لسنوات، مما يجعل المشروع في حقيقة الأمر مضيعة فادحة لأموال دافعي الضرائب.

خطأ تقني ذات كلفة مالية باهظة

هذا الخطأ «التقني» لم يأتِ صدفة، بل وراءه كلفة مالية باهظة، إذ يتطلب كل طلب غرس جديد كلفة تتراوح بين 20 و40 مليون سنتيم، وهذا فقط لتغطية الأرض بأوراق سريعة الذبول.

الإحصائيات الرسمية تكشف أن ميزانية المشاريع التجميلية للفضاءات العمومية في طنجة تفوق مئات الملايين من الدراهم سنوياً، إلا أن النتائج على الأرض تكشف أن غالبيتها يتحول إلى «سراب أخضر»، إذ تشير تقارير البلدية إلى أن أكثر من 60% من المشاريع المماثلة لا تحقق الاستدامة المتوقعة، بسبب سوء اختيار المواد النباتية أو ضعف المتابعة.

مسرحية خطراء تستدعي إعادة النظر في بعض المسؤوليين

هذا الأمر لم يمر مرور الكرام في أوساط ساكنة طنجة التي لم تخف انتقاداتها اللاذعة، معبّرة عن استيائها عبر مواقع التواصل الاجتماعي فضلا عن أحاديث الشارع، حيث وصف البعض ما جرى بأنه “مسرحية خضراء” تستدعي  إعادة النظر في المسؤولين الذين يبدو أنهم وقعوا في شراك.. او ربما تواطؤوا مع شركات تسعى فقط للربح السريع دون تحمل مسؤولية ما بعد التنفيذ.

من جهتها سارعت السلطات المحلية لإصدار بيان رسمي ، ليُبرر توقف الأشغال في الساحة بحجة “عطلة عيد الأضحى”، مما يطرح سؤالاً لا غبار عليه: هل توقف العمل هو سبب بقاء النباتات في هذه الحالة المتدهورة، أم أن المشكلة أعمق من ذلك وتتعلق بضعف التصور وعدم جدوى المشروع؟

شركة “صوميكوتراد” مطالبة بالرد الرسمي

وفي ظل هذه الوقائع، تبدو إدارة شركة “صوميكوتراد” مطالبة بالرد الرسمي والشفاف أمام الرأي العام، خاصة وأن التعاقد مع الشركات المكلفة بالمشاريع العمومية يتطلب مراقبة صارمة ومحاسبة في حال ثبت أي خلل أو سوء تدبير.

ومع هذا، يبقى السؤال الأكثر إلحاحاً: هل ستستمر السلطات في تمويل مشاريع «زينة مؤقتة» تعجز عن خلق بيئة حضرية حقيقية تحترم تراث كل مدينة وتطلعات سكانها؟ أم أن هناك حاجة ماسة لإعادة النظر في آليات تدبير المال العام وفرض معايير أكثر صرامة على الشركات المنفذة للمشاريع، لأن استمرار هذه الفوضى سيكرس فقدان الثقة بين المواطن والمؤسسات، ويزيد من الإحباط الشعبي في زمن يُنتظر فيه الحكامة الرشيدة والمردودية الاقتصادية والاجتماعية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى