
تصاعد الخلاف بين محمد الباز وابنة الشاعر أحمد فؤاد نجم
تصاعد الخلاف بين الكاتب الصحافي المصري محمد الباز، ونوارة ابنة الشاعر الراحل أحمد فؤاد نجم، بعد قيام الأخيرة بتقدم شكوى إلى نقابة الصحافيين وأُخرى للمجلس الأعلى للإعلام، تتهم فيها الباز بتكرار التطاول على والدها ومحاميها، ليقرر المجلس إحالة الشكوى إلى لجنة الشكاوى برئاسة الإعلامي عصام الأمير وكيل المجلس، لإعمال شؤونها.
وبدأ الخلاف بتقدم أسرة الشاعر الراحل أحمد فؤاد نجم، ببلاغ تتهم فيه الكاتب الصحافي محمد الباز، والذي يشغل منصب رئيس مجلس إدارة وتحرير جريدة الدستور، بـ”سب وقذف” نجم في مقطعي فيديو ببرنامجه “البساط أحمدي” نشرهما عبر صفحته على فيس بوك في يناير 2023.
اعتبرت اساءة للشاعر الراحل أحمد فؤاد نجم
ووصفت أسرة الراحل مقطعي الفيديو بأنهما تضمنا “ألفاظًا يعف اللسان عن ذكرها، تمثل خوضا في شرف نجم، وتشكيكًا في ولائه للوطن”، مما أساء لسيرته، ولسمعة عائلته، وفق ما نشرته ابنته نوارة عبر صفحتها على فيسبوك.
وبعدها صدر حكم من حكمة الجنح الاقتصادية، مطلع هذا الأسبوع، بحبس محمد الباز شهرًا، وإلزامه بدفع تعويض مدني قدره 10 آلاف جنيه (201.33 دولار)، قبل أن تتنازل ابنة نجم عن الشق الجنائي في الحكم بحبس الباز استجابةً لدعوة نقيب الصحافيين خالد البلشي، بوقوفه ضد الحبس في قضايا النشر.
الصحافي محمد الباز يؤكد ستئنافه ضد حكم الحبس
غير أن الكاتب الصحافي محمد الباز، أكد استئنافه ضد حكم الحبس، وأن تنازل ابنة نجم عن الشق الجنائي يخصها، موضحًا أنه لم يطلب من النقيب خالد البلشي، التدخل لتتنازل نوارة، ولكنه تواصل معه لمعرفة موقف النقابة من حكم سالب للحرية.
ودافع الباز، في تعليقه عبر صفحته على فيسبوك، عن نفسه قائلًا :”لم أخض في عرض أحمد فؤاد نجم، ولم أتعرض لحياته الشخصية كما فعل هو نفسه في أحاديثه وحواراته، ولكنني تحدثت عنه كشاعر أقدر موهبته الطاغية، لكن أرفض مواقفه وطريقة تعبيره عنها”، حسب قوله، مشيرًا إلى أنه حذف الفيديو: “بعدما تضررت ابنة الشاعر وأعلنت ذلك على صفحتها، تقديرًا لمشاعرها، فلا ذنب لها فيما جنته يد أبيها، ووثقت ذلك على صفحتي”، بحسب قوله.
ولد يوم 23 ديسمبر 1929 بإحدى قرى محافظة الشرقية في دلتا مصر لأم غير متعلمة وأب يعمل ضابط شرطة، لكن القدر لم يمهل الأب كثيرا حيث غادر الدنيا وترك الصغير يتيما ليضطر إلى الانتقال إلى منزل خاله، ومنه إلى ملجأ للأيام وهو في عمر السابعة ليبقى فيه 10 سنوات كاملة.
كبر في ملجأ الأيتام
خرج الشاب من ملجأ الأيتام لا يملك مالا ولا شهادة دراسية، فلم يكن أمامه إلا أن يقوم بما يتيسر من عمل مهما كان بسيطا، فجال بالعديد من المهن حيث عمل راعيا وبائعا وعامل بناء وخياطا، وكانت معظم هذه الأعمال في معسكرات الجيش الإنجليزي الذي كان يحتل مصر في ذلك الوقت.
بالتعرف على المغني الضرير الشيخ إمام، بدأت المرحلة الأكثر ثراء في حياة نجم وشعره، فإذا كان استخدامه للغة العامية في شعره يجعلها أقرب إلى الناس، فما بالك إذا خرجت إليهم مصحوبة بصوت معبر وألحان شجية ورفيق يشاركه الرسالة في محاربة الظلم وتعرية الاستبداد.
ولأنه كان مزعجا لأهل السلطة في معظم الأحيان، فقد أصبح ضيفا دائما على السجون سواء في عهد الرئيس جمال عبد الناصر أو خليفته أنور السادات، لكن المثير أنه لم يرضخ، بل إنه كتب في سجون النظام أغلب قصائده ضد النظام!

ولأنه كان مزعجا لأهل السلطة في معظم الأحيان، فقد أصبح ضيفا دائما على السجون سواء في عهد الرئيس جمال عبد الناصر أو خليفته أنور السادات، لكن المثير أنه لم يرضخ، بل إنه كتب في سجون النظام أغلب قصائده ضد النظام!
ورغم مرات السجن العديدة، فإن لسان نجم ظل حادا بل سليطا، وطال في قصيدة شهيرة حتى المطربة الشهيرة أم كلثوم رغم ما كان لها من جماهيرية ونفوذ في ذلك الوقت، كما انتقد سياسات ورؤساء دول غربية، لكنه تعاطف في المقابل مع رموز المقاومة والثورة والتمرد في مختلف أنحاء العالم.
رغم أنه وصف جمال عبد الناصر بأنه “أمير الفقراء المصريين”، فإنه أوسعه نقدا خصوصا بعد الهزيمة أمام إسرائيل في “نكسة” 1967، كما سخر من انسحاب الجيش المصري أمام نظيره الإسرائيلي، وكذلك من شعارات المرحلة الناصرية التي خلت من المضمون، ليدخل السجن ويظل به حتى وفاة عبد الناصر.
وكان الرئيس التالي أنور السادات أكثر حظا في نيل سهام النقد من الشاعر الشعبي، خصوصا ما يتعلق بسياسات الانفتاح الاقتصادي وكذلك الاتجاه لتدعيم العلاقات مع الولايات المتحدة، كما انتقد الرئيس حسني مبارك خصوصا بعدما تردد عن اعتزامه توريث الحكم لابنه جمال.
ورغم أن البعض اعتبره عدو الرؤساء في مصر، فإنه ردّ مؤكدا أنه لم يناصب الرؤساء العداء وإنما هم من ناصبوا الشعب العداء، على حد قوله، وأن قصائده “تنتقد الأحداث والتصرفات والانحرافات، وهذا النقد يدعم السلطة ولا يقوضها”.
والمثير أنه رثى عبد الناصر وقال في حديث تلفزيوني قبل وفاته إنه كان يحبه رغم أنه قال في الحديث نفسه إن عبد الناصر كان يمتلك “جرأة الجاهل”.
كان نجم مهموما بالفوارق الطبقية، وانتقد في العديد من أشعاره انتشار الفساد وإثراء قلة من الشعب على حساب عموم المصريين، وكان أبرزها قصيدة “يعيش أهل بلدي” التي أبرز فيها التناقض الحاد بين طبقتين: أثرياء تتزايد ثرواتهم، وفقراء تتضاعف معاناتهم.
أطلق نجم على نفسه لقب “الفاجومي”، وشرح معنى هذا اللقب قائلا إنه يستخدم في العامية المصرية للدلالة على الشخص المندفع الذي يقول ما يريد بسهولة ودون خوف.
وقال عنه الشاعر الفرنسي لويس أراغون “إن فيه قوة تسقط الأسوار”، في حين أطلق عليه الناقد الأدبي علي الراعي لقب “الشاعر البندقية”، أما الرئيس الراحل أنور السادات فوصفه بـ”الشاعر البذيء”.