
الصويرة تتحول مجددا لمنصة موسيقية عالمية
في أفق انطلاق النسخة السادسة والعشرين من مهرجان “كناوة وموسيقى العالم”، شهدت مدينة الصويرة صباح الأربعاء 11 يونيو، زيارة تفقدية ميدانية مكثفة إلى ساحة مولاي الحسن الأولى، القلب النابض للمهرجان والمنصة الرئيسية لاحتضان العروض الكبرى، حملت هذه الزيارة، التي قامت بها لجنة مختلطة، طابعاً أمنياً وتنظيمياً دقيقاً، يعكس حجم الرهان الذي تمثله هذه التظاهرة الثقافية الدولية بالنسبة للمدينة والجهات المشرفة عليها.
تنسيق أمني وإداري
تكوّنت اللجنة من ممثلين عن مختلف الأجهزة الأمنية والإدارية، شملت عناصر من الأمن الوطني بمختلف تخصصاته (الهيئة الحضرية، مصلحة السير والجولان، شرطة السياحة)، إضافة إلى عناصر من الدرك الملكي والقوات المساعدة، فضلاً عن السلطات المحلية، والشرطة الإدارية، ورئيس المجلس الجماعي للصويرة، إلى جانب باشا المدينة وممثلي إدارة المهرجان، و يؤشر هذا التنوع في التمثيلية على حجم التنسيق المعتمد لإنجاح المهرجان وضمان مروره في أجواء آمنة ومنظمة، بعيداً عن أي خلل قد يعكر صفو الفعالية أو يؤثر على سمعة المدينة كمركز سياحي وثقافي عالمي.
إجراءات استباقية لتأمين الانطلاقة والتنقلات
لم تقتصر الزيارة الميدانية على مجرد تفقد ساحة المهرجان، بل جاءت ضمن سلسلة من الإجراءات الاستباقية التي تهدف إلى تأمين الموكب الرسمي لانطلاق التظاهرة، وتدبير تحركات الفنانين والضيوف، وضمان انسيابية حركة السير في المدينة، خاصة في ظل التوافد الكبير المرتقب من الزوار المغاربة والأجانب.
ومن المتوقع أن تشهد شوارع وأزقة المدينة العتيقة تعزيزات أمنية ملحوظة، خصوصاً في محيط المواقع التي ستحتضن العروض، وفي فضاءات الإقامة والتنقل الخاصة بالفنانين والمشاركين.
مهرجان بحجم دولي… وتأهب بمستوى عالٍ
هذا ومن المرتقب أن تحتضن مدينة الصويرة ما بين 19 و21 يونيو الجاري، فعاليات هذه النسخة الجديدة من مهرجان “كناوة وموسيقى العالم”، والتي ستكون بمثابة احتفال عالمي بالموسيقى والتنوع الثقافي، حيث سيشارك في هذه الدورة ما لا يقل عن 350 فناناً من مختلف أنحاء العالم، ضمنهم 40 معلّماً كناوياً، في برمجة موسيقية غنية تشمل 54 حفلاً موسيقياً متنوعاً، تتوزع بين العروض الكبرى في الهواء الطلق، والعروض الموسيقية في الفضاءات الوترية والمواقع التراثية، في تجربة فنية تنسج خيوط التلاقي بين الإبداع الكناوي والموسيقى العالمية الحديثة.
التحدي الأمني والتنظيمي في مدينة “الرياح والفن”
الرهانات المطروحة أمام اللجنة التنظيمية والأجهزة الأمنية لا تنحصر فقط في تأمين الفعاليات، بل تشمل كذلك خلق توازن دقيق بين حرية التنقل وراحة الزوار من جهة، والحرص على النظام العام وسلامة الجميع من جهة أخرى.
ففي مدينة مثل الصويرة، ذات الطابع التاريخي والفضاءات المحدودة في المدينة العتيقة، تصبح مسألة التنظيم أكثر تعقيداً وتتطلب جهداً استثنائياً لتفادي الاكتظاظ وضمان سيرورة المهرجان بشكل سلس، دون التأثير على الحياة اليومية للسكان المحليين أو النشاط السياحي الموازي.
مهرجان كناوة… ما بين الإرث الروحي والانفتاح الكوني
منذ انطلاقته الأولى، لم يكن مهرجان كناوة مجرد حدث موسيقي، بل شكل مساحة للعبور الثقافي والحوار الحضاري بين ضفتي الأطلسي، وبين الإيقاع الإفريقي والمزاج الأوروبي، وبين المعلم الكناوي والفنان العالمي، واليوم، مع استمرار هذا المهرجان في استقطاب أسماء كبرى وموسيقيين مرموقين من مختلف أنحاء العالم، تزداد الحاجة إلى تنظيم محكم وأمن راسخ يحافظ على الصورة النموذجية التي رسمتها الصويرة كواحة للسلام والتسامح الفني.
تُعَدّ زيارة اللجنة المختلطة لساحة مولاي الحسن بالصويرة محطة أساسية في مسار التحضير اللوجستي والأمني لمهرجان “كناوة وموسيقى العالم”، وتجسد وعياً جماعياً بضرورة جعل الثقافة في مأمن من كل تهديد، وتوفير الشروط المثلى لاحتضان الإبداع والفن، فبين أصوات الطبول الكناوية وأضواء المنصات العالمية، تكتب الصويرة من جديد فصلاً آخر من فصول التألق، محروسة بأعين ساهرة وإرادة جماعية لجعل المهرجان يليق بتاريخ المدينة وروحها.