جغرافيا الدم بين صمت العالم ومسرح الطوائف …إيران هي الضحية
16/06/2025
0
بقلم: الاعلامي والروائي خالد أخازي
هل أنا سعيد لقصف إيران… وضرب مقدراتها وعلمائها… واستهداف كرامتها منذ اغتيال قادة حماس وحزب الله…؟
أعوذ بالله من قذارة وعفن هذا الموقف…
إيران… أقرب إلى وجداني… والأمر لا علاقة له بشعبوية العقيدة…ولا بخطاب الأمة…ولا بلغة الاصطفاف حول جوهر لا إلاه إلا الله محمد رسول الله….
الموقف له علاقة…. فتسمية الأشياء بأسمائها…
الكيان الصهيوني نيرون هذا الزمن..
فلا عجب أنه يجيد حرق العواصم…
من يدري…. من يحرق غدا…. فإسرائيل التلمودية…. أكبر بكثير من من خريطة فرض الواقع .
ونحن… الكل….غير شعب التلمود… عبيدا لشعب الله المختار…
للأسف… لا أدري من أقنع الوعي الغربي بعقيدة المرجعية اليهود- مسحية للغرب الذي نفسه له مسيحه المنتظر…
تصريح واسع الجنون لترامب الشمولي الرؤية
هل فعلا… هويتي السنية…. التي لا أفهمها في صراع الكرامة والعدل والحقوق، تعميني عن غطرسة الكيان الصهيوني الذي أسقط ميثاق الأمم المتحدة وفي يده تصريح واسع الجنون لترامب الشمولي الرؤية…،
منسوب الكذب الدولي الغربي بإعلامه ومفكريه وساسته وأزلامه في الخريطة العربية عال ومتعدد الترافع ومنصات الافتراء… …
يعلو بمكر عند كل خرق للقانون الدولي صوت المظلومية الزائفة، لصناعة وضع جغرافي خطير للعالم : اغتيالات وعمليات قصف تستهدف إيران، ومجازر لا تتوقف في غزة، وعدوان متكرر على جنوب لبنان وسوريا.
كل ذلك تحت مظلة صمتٍ دولي، أو تواطؤ معلن. ومع ذلك، لا تزال النخب والمجتمعات تُستدرج إلى مستنقع الانقسام المذهبي، وكأنّ الخطر الحقيقي ليس الاحتلال والاستعمار الجديد، بل مذهب من يخالفنا في الفقه أو العقيدة.
لكن الحقيقة، التي تُخيف قوى الهيمنة وقوى للخذلان العربي وأصوات القوادة السياسية، هي أن الاصطفاف العربي لن يكن يوماً قضية مذهب، بل كان هو مسألة كرامة وسيادة وعدالة.
حين تُقصف إيران، لا تُقصف لأنها “شيعية”
لا وجود في العقل الصهيوني لطفل سني أو شيعي. إسرائيل لا تسأل عن هوية الضحية عندما تزرع قنابلها فوق الأحياء السكنية، أو عندما تُخرج جثامين الرضّع من تحت الأنقاض. إسرائيل، بصفتها مشروعًا استعماريًا إحلاليًا، لا ترى إلا “عربًا فائضين عن الحاجة”، و”أصواتًا يجب إسكاتها”، و”أرضًا يجب تطهيرها” وفق منطق استعلائي دموي. والغرب الذي يبرر لها ذلك، يفعل لأنه يدرك تمامًا أن مشروعه الكولونيالي لا يكتمل إلا بشرذمة العالم العربي وإغراقه في صراعات داخلية تُبعده عن قضيته المركزية.
إن الحرب ضد إيران ليست فقط بسبب برنامجها النووي، بل لأنها نموذج لدولة قررت أن تقول “لا” لمنظومة الهيمنة. صحيح أن إيران ليست مثالية، وأن سياساتها تخضع لنقد داخلي وخارجي، لكنها تبقى في عين العاصفة لأنها لا تقبل أن تكون تابعًا. إسرائيل عندما قصفت المنشآت الإيرانية (كما في عملية “الأسد الصاعد” عام 2025، وفق مصادر استخباراتية دولية)، لم تكن تستهدف قدرات عسكرية فحسب، بل كانت تبعث برسالة إلى كل من يفكر في كسر الهيمنة الغربية: “مصيرك سيكون كإيران، عزلة وقصف واغتيالات”.
إسرائيل تحتل أرضًا خارج حدود 1967 دون أي التزام بالقانون الدولي
في المقابل، تُمارس ازدواجية المعايير الدولية بأبشع صورها. فبينما يُتهم الفلسطيني بالإرهاب لأنه يدافع عن منزله، تُمنح إسرائيل، الدولة الوحيدة التي تحتل أرضًا خارج حدود 1967 دون أي التزام بالقانون الدولي، شرعية مطلقة لارتكاب المجازر الجماعية. تُقصف المستشفيات، تُستهدف المدارس، وتُستخدم الأسلحة المحرّمة دولياً، ثم تخرج الحكومات الغربية لتقول: “لإسرائيل الحق في الدفاع عن النفس”. فهل صار الدفاع عن النفس يعني تدمير حيّ كامل على رؤوس ساكنيه؟!
ما يُثير السخرية السوداء أن منابر إعلامية عربية تشارك في هذا المسلسل السخيف، حيث يُصوَّر دعم غزة على أنه “تحريض”، ومساندة إيران على أنه “خطر مذهبي”، وكأنّ الدم العربي لا يستحق التضامن إذا لم يكن على “المذهب الصحيح”. هذه الفتنة المصنّعة ليست سوى استمرار لسياسة “فرّق تسد”، تلك التي اعتمدها الاستعمار منذ معاهدة سايكس-بيكو، وترسخت بعد غزو العراق، ثم انفجرت بصورتها العارية مع “الفوضى الخلاقة” التي بشرت بها كوندوليزا رايس.
إن الانقسام المذهبي ليس قدرًا، بل صناعة. والعدو الحقيقي ليس الآخر في المذهب، بل من يستثمر في هذا الانقسام ليفرض هيمنته علينا جميعاً. اليوم، إسرائيل لا ترى أمامها “شيعياً في طهران” أو “سنياً في غزة”، بل ترى مشروع مقاومة يجب إجهاضه. من يقف مع فلسطين، أو يعارض استهداف إيران، لا يُصنَّف على أساس مذهبي، بل على أساس الموقف من العدل والكرامة.
الشرعية الدولية تدين إسرائيل بوضوح
الشرعية الدولية، رغم ضعفها وتسييسها، لا تزال تحتفظ ببعض الوثائق والقرارات التي تدين إسرائيل بوضوح: أكثر من 45 قرارًا في مجلس الأمن والجمعية العامة تُدين الاحتلال، وتقارير موثقة من مجلس حقوق الإنسان توثق جرائم حرب بحق المدنيين في غزة وسوريا ولبنان. المحكمة الجنائية الدولية نفسها فتحت تحقيقات في ملفات تتعلق بجرائم ضد الإنسانية، ولو أنها ما زالت تُواجه عراقيل سياسية غربية تمنع المضيّ قدماً.
المسألة إذن ليست غامضة ولا تستدعي كثيرًا من التحليل الفلسفي. نحن أمام مشروع استعماري صريح، يستخدم أدوات إعلامية ونفسية ودبلوماسية وعسكرية، لتفتيت المنطقة واستنزافها، وإنهاكها في حروبٍ داخلية تُحوّل الشعوب إلى أدوات ضد ذاتها. إن قبولنا بالانقسام المذهبي ليس حيادًا، بل تواطؤ، وسكوتنا عن القصف والاغتيال والاحتلال ليس تحفظًا، بل مشاركة في الجريمة.
لن تكون فلسطين حرة إذا بقينا نحاكم الضحايا حسب مذاهبهم، ولن تنتصر شعوبنا إن لم تدرك أن العدالة لا طائفة لها، وأن الحقوق لا تُجزّأ، وأن الوقوف مع المظلوم ليس خياراً سياسياً، بل واجباً أخلاقياً. إن الخطر لا يكمن في أن نختلف، بل في أن نُقتل ونحن نختلف، بينما عدونا يعرف تمامًا من نحن، ويعرف كيف يوحد رصاصه ليصيب كل من يحلم بالحرية.
إسرائيل تقصف إيران اليوم، كما قصفت بيروت وغزة ودمشق بالأمس، والغرب يصفق أو يصمت. أما نحن، فإن لم نقف جميعاً في وجه الجريمة، سنكون نحن الضحية التالية، باسم الطائفة أو باسم “الواقعية السياسية”. فلا خيار أمامنا إلا أن نستعيد وعينا الجمعي، ونصوغ مشروعًا للتحرر لا يقوم على هوية مذهبية، بل على قاعدة واحدة: أن نكون مع المظلوم، أياً كان اسمه أو مذهبه أو جنسيته.
لأن من لا يُدافع عن الحق حين يُداس أمامه، يصبح شريكًا في سحقه.