تخضع الطفلة غيثة حاليًا للعلاج المنزلي بعد أن غادرت المستشفى، عقب تدخل جراحي دقيق لعلاج كسر في الجمجمة ونزيف داخلي.
حالتها الجسدية بدأت تستقر، لكن آثار الصدمة النفسية لا تزال واضحة، حيث تُطرح الصغيرة أسئلة موجعة عن وضعها، وسط حرص والدها على حمايتها من كل ما قد يزيد ألمها.
حيث في 15 من يونيو الجاري، اهتزّ شاطئ سيدي رحال قرب الدار البيضاء على وقع حادث مأساوي بطله طفلة لا تتجاوز الرابعة من عمرها، تدعى غيثة، كانت تلهو رفقة أسرتها القادمة من إيطاليا لقضاء عطلة قصيرة، قبل أن تتحوّل لحظة اللعب إلى كابوس حقيقي.
الطفة تعرضت للدهس من طرف سيارة رباعية الدفع
فحسب المعطيات المتوفرة، تعرضت الطفلة للدهس من طرف سيارة رباعية الدفع (Volkswagen Tiguan) كانت تجر دراجة مائية (جيت سكي)، داخل منطقة مخصصة للمشاة، مما أدى إلى إصابات بليغة في الرأس والجمجمة، وفكّ سفلي مخلوع، ونزيف داخلي حاد استدعى تدخلا جراحيا عاجلا في إحدى المصحات الخاصة بالدار البيضاء.
وبالرغم من هول الفاجعة، لم تُصدر السلطات المعنية إلى حدود كتابة هذه الأسطر، أي بلاغ رسمي لتوضيح تفاصيل الحادث للرأي العام، ما فتح الباب أمام التأويلات، وعمّق الشعور بالقلق والغضب لدى المواطنين.
توقيف ومتابعة في حالة اعتقال
في تطور لاحق، أكدت مصادر إعلامية أن عناصر الدرك الملكي تمكنت من توقيف السائق المتورط، وتم وضعه رهن الحراسة النظرية قبل أن يُحال على وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية الزجرية ببرشيد.
هذا وقد تقرر متابعته في حالة اعتقال، بتهم تتعلق بالتسبب في جروح بليغة نتيجة حادث سير بالسياقة المتهورة وتعريض حياة الغير للخطر، واستعمال مركبة في غير موضعها القانوني.
وقد جرت أولى جلسات المحاكمة يوم الإثنين 23 يونيو، حيث قررت المحكمة تأجيلها إلى غاية 30 يونيو الجاري ، لإعطاء مهلة للدفاع من أجل إعداد ملفه.
تعاطف واسع… وأسئلة بدون أجوبة
الحادثة أثارت موجة واسعة من التعاطف مع الطفلة وأسرتها، خصوصا على منصات التواصل الاجتماعي، حيث تحوّلت غيثة إلى رمز للبراءة المهددة، وسط دعوات متكررة لمحاسبة الجاني، وتوفير الحماية القانونية للمناطق الشاطئية.
في المقابل، لم تُصدر النيابة العامة أو الدرك الملكي أو حتى السلطات الترابية أي توضيح للرأي العام، لا حول ملابسات الحادث، ولا حول الإجراءات المتخذة، ولا بشأن التدابير المستقبلية لتفادي تكرار مثل هذه الكوارث.
مسؤولية صامتة… ومخاوف مشروعة
ما وقع لغيثة ليس حادثًا معزولًا فقط، بل جرس إنذار حقيقي. فالمركبات والدراجات المائية التي تغزو الشواطئ في فصل الصيف، كثيرًا ما تتحول من أدوات للمتعة إلى أدوات للقتل الصامت، في غياب صارخ للرقابة والتنظيم.
اليوم، تتجه الأنظار إلى جلسة المحاكمة المقبلة، لكن الانتظار لا يجب أن يقتصر على الأحكام. الرأي العام يطالب بأجوبة واضحة:
ماذا حدث بالتفصيل؟ من يتحمل المسؤولية؟ هل كانت هناك ترخيصات؟ وهل سيُحاسب كل من ثبت تورطه؟
ليس من المقبول أن يُترك الرأي العام يتخبط في الغموض، وليس من العدل أن يُترك والد غيثة يحمل الوجع وحده.
في وطن يُفترض أن يحمي أطفاله، الشفافية ليست ترفًا، بل التزام. والعدالة ليست خيارًا، بل واجب.
نتمنى أن تكون هذه الفاجعة بداية لصرخة إصلاح، لا مجرد رقم آخر في أرشيف الألم.
الطفلة غيثة… وجمعيات تنتصر للعدالة والكرامة
في ظل الصمت الرسمي المقلق، برز دور المجتمع المدني كصوتٍ بديل يعبّر عن وجع الناس، ويُطالب بالحقيقة، فقد سارعت عدد من الجمعيات والمنظمات الحقوقية إلى إعلان تضامنها المطلق مع الطفلة غيثة وأسرتها، مطالبة بالكشف العاجل عن ملابسات الحادث، ومحاسبة المتورطين دون تساهل.
من بين هذه الهيئات، برزت المنظمة المغربية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد، وجمعية ماتقيسش ولدي اللتان أصدرتا بلاغًا شديد اللهجة، اعتبرت فيه ما حدث “سلوكًا متهورًا لا يمكن التساهل معه”، ودعت فيه إلى “التطبيق الصارم للقانون حمايةً للأطفال وحفاظًا على كرامة الوطن”.
كما عبرت فعاليات مدنية محلية وحقوقيون مستقلون عن قلقهم من خطورة الحادث وتداعياته، معتبرين أن تكرار هذا النوع من المآسي في الفضاءات العمومية يهدد الإحساس الجماعي بالأمن، ويكشف ثغرات في المراقبة والتدبير.
وبينما يُنتظر أن تلتحق جمعيات أخرى بركب المطالبة بالعدالة، يبقى السؤال مفتوحًا، هل تتفاعل السلطات بنفس الجدية التي أبدتها الجمعيات؟ أم سيبقى الصوت المدني وحيدًا في مواجهة جدار الصمت الرسمي.