الرئسيةصحةمجتمع

“النار الفارسية”.. عودة صامتة لفيروس الطفولة

في زحمة الحياة اليومية، قد لا ينتبه البعض لظهور طفح جلدي مفاجئ مصحوب بألم حارق في جهة واحدة من الجسم، وغالبا ما يُعتقد أن الأمر لا يعدو كونه “حساسية” عابرة أو ” بثور حرارية “، لكن الواقع قد يكون أكثر صعوبة.

يتعلق الأمر بمرض فيروسي يعرف بـ”الزونا” أو “الحزام الناري”، وهو داء يُعيد إحياء فيروس قديم كان قد دخل الجسم في مرحلة الطفولة، يوم أُصيب المريض بجدري الماء، واعتقد أن الأمر قد انتهى.

الزونا أو “النار الفارسية” هو مرض ناتج عن إعادة تنشيط فيروس (varicella-zoster)

الزونا أو “النار الفارسية” هو مرض ناتج عن إعادة تنشيط فيروس (varicella-zoster)، الذي يبقى كامنا في الجهاز العصبي لعقود طويلة بعد الشفاء من جدري الماء، “بوشويكة” وتحدث الإصابة به عادة حين تضعف المناعة بسبب التقدم في السن، التوتر النفسي، أو الإصابة بأمراض مزمنة. ويصيب الزونا الأعصاب، مسببا ألما شديد وطفح جلدي مميز لا يظهر إلا في جهة واحدة من الجسم، غالبا على مستوى الصدر أو الظهر أو الوجه.

يبدأ المرض بألم أو بإحساس بالحرق أو التنميل في موضع معين، يليه في غضون أيام ظهور طفح جلدي أحمر يتحول إلى بثور صغيرة مملوءة بسائل، ثم يجف تدريجيا، هذا الطفح قد يختفي خلال أسبوعين إلى ثلاثة، لكن المشكلة الكبرى تكمن في ما يُعرف بـ”الألم العصبي التالي للزونا”، وهي حالة قد تستمر فيها الآلام لأشهر وربما لسنوات بعد زوال الطفح.

ينقل فيروس جدري الماء إلى الأشخاص الذين لم يسبق لهم أن أصيبوا به من قبل

وبالرغم من ما يشاع، الزونا ليس مرض معدي في حد ذاته، لكنه قد ينقل فيروس جدري الماء إلى الأشخاص الذين لم يسبق لهم أن أصيبوا به من قبل، خصوصًا الأطفال أو النساء الحوامل أو الأشخاص الذين يعانون من ضعف المناعة، ولذلك، ينصح بتغطية البثور وتفادي التماس المباشر حتى جفافها.

بالنسبة للسفر، فالأطباء ينصحون بعدم التنقل أثناء المرحلة الحادة من المرض، أي عندما تكون الآلام شديدة والبثور نشطة، خاصة في حال السفر لمسافات طويلة أو عبر الطائرة، لما قد يسببه الضغط والإجهاد من مضاعفات إضافية.

جدير بالذكر أن الزونا لا يُعد من الأمراض الخطيرة في أغلب الحالات، إلا أنه مؤلم جدا وقد يترك أثرًا طويل الأمد في الجهاز العصبي، ولتفاديه، يتوفر اليوم لقاح فعال يُنصح به للأشخاص فوق سن الخمسين، كما أن بدء العلاج بمضادات الفيروس خلال أول 72 ساعة من ظهور الأعراض يقلل بشكل كبير من شدة المرض ومدته.

وللاشارة إن الزونا، وإن بدا مرض جلدي في ظاهره، إلا أنه في العمق رسالة بيولوجية تُذكرنا بضعف المناعة، وبأن أجسادنا لا تنسى ما مرت به، لذا فالوقاية تبدأ من نمط حياة صحي، واستشارة طبية فورية عند ظهور أول الأعراض، لأن التأخر في العلاج قد يُكلف الكثير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى