
أعلنت الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات، في بلاغ رسمي صدر يوم 11 يوليوز الجاري، عن فتح باب تقديم طلبات العروض للحصول على تراخيص استغلال شبكة الجيل الخامس للاتصالات (5G) بالمغرب. ووفق الجدولة الزمنية المعلنة، يرتقب أن تنطلق أولى خدمات الشبكة بشكل تجاري ابتداءً من شهر نونبر المقبل، بالتزامن مع تنظيم المغرب لكأس إفريقيا للأمم.
ويأتي هذا القرار بعد شهور من التحضيرات، في إطار الاستراتيجية الوطنية “المغرب الرقمي 2030”، التي تسعى إلى تطوير البنيات التحتية الرقمية وتعزيز تحول الاقتصاد المغربي نحو نموذج رقمي أكثر اندماجا واستدامة.
وبحسب المعطيات المتوفرة، فإن المرحلة الأولى ستقتصر على تغطية 25 في المئة من السكان، على أن يتم توسيعها تدريجيا لتصل إلى 70 في المئة في أفق سنة 2030، هذه النسب تكشف أن الخدمة ستظل في بدايتها محصورة في المدن الكبرى، خصوصا تلك المعنية بتنظيم التظاهرات الرياضية أو المراكز الاقتصادية.
تراخيص جديدة ودفتر تحملات ينتظر التفعيل
سيخضع المتعهدون الجدد لشروط صارمة تتعلق بالتغطية، وجودة الخدمة، ومعايير السلامة والأمن السيبراني. ووفق الوكالة، فإن دفتر التحملات سيُرفع إلى مستوى مرسوم رسمي، ويتم اعتماده بعد المصادقة الحكومية.
ورغم أهمية الخطوة، إلا أن عددا من المتتبعين يشيرون إلى غياب تفاصيل دقيقة حول التزامات الفاعلين تجاه المناطق النائية والقرى المهمشة، ما يطرح من جديد سؤال العدالة الرقمية، خصوصا أن المغرب يعاني أصلًا من تفاوتات مجالية في التغطية حتى في الجيل الرابع.
مشاريع موازية واستثمارات مرتقبة
في السياق نفسه، أعلنت شركتا “اتصالات المغرب” و”Inwi”، في مارس الماضي، عن إحداث مشاريع مشتركة لتقوية البنيات التحتية، منها “FiberCo” الخاصة بالألياف البصرية، و”TowerCo” لبناء محطات وأبراج الاتصالات. ومن المرتقب استثمار أكثر من 4.4 مليار درهم في هذا الإطار خلال السنوات الثلاث المقبلة.
غير أن الغموض ما يزال يلف مصادر بعض هذه التمويلات، ومدى مشاركة المال العام فيها، فضلًا عن غياب مؤشرات واضحة حول آليات المراقبة وربط التمويل بالمردودية الاجتماعية.
فرص وتحديات في الأفق
تمثل شبكة الجيل الخامس أداة استراتيجية لتسريع التحول الرقمي، إذ يُرتقب أن تتيح خدمات متقدمة في مجالات حيوية مثل الطب عن بعد، الصناعة الذكية، النقل الحضري، والزراعة الدقيقة. غير أن هذه القفزة تظل رهينة بتوسيع التغطية، وضمان الأسعار في المتناول، وتوفير الحماية القانونية للمعطيات الشخصية للمواطنين.
في خضم هذا التطور، يبقى السؤال مفتوح ، هل سيتمكن المغرب من تحويل مشروع 5G من خدمة فاخرة إلى حق رقمي يطال الجميع، دون استثناء؟ أم أن الشبكة الجديدة ستظل حكرًا على المراكز الحضرية، لتعمّق الفجوة الرقمية بين المغرب النافع ومناطقه المنسية؟