يعيش قطاع الصيدلة في المغرب على وقع توتر غير مسبوق، بعدما أعلنت هيئات مهنية عن استعدادها لخوض إضراب وطني احتجاجا على مشروع قانون حكومي يهدف إلى تحديد أسعار الأدوية دون إشراك الصيادلة.
المشروع المرتقب، الذي يأتي في إطار مراجعة منظومة تسعير الأدوية، يسعى إلى جعل الأسعار أكثر ملاءمة للقدرة الشرائية عبر تخفيض أثمنة مجموعة من الأدوية الأساسية، خطوة تعتبرها الحكومة إجراء اجتماعيا لتمكين المواطنين من العلاج، لكنها تثير غضب الصيادلة الذين يرون فيها مساسا بهوامش أرباحهم.
تقرير المجلس الأعلى للحسابات كشف معطيات مثيرة؛
أرباح الصيادلة تتراوح بين 47% و57% حسب فئات الأدوية، وهي نسب تفوق ما هو معمول به في عدد من الدول، وبالرغم من ذلك، تحذر الهيئات النقابية من أن أي خفض للأسعار دون تدابير مواكبة سيهدد استمرارية القطاع، خاصة في ظل ارتفاع التكاليف التشغيلية والالتزامات الضريبية.
الصيادلة يرفضون ما يعتبرونه “مقاربة أحادية” من طرف الحكومة، ويحذرون من أن القرار قد يدفع إلى إغلاق صيدليات، خصوصا في القرى والمناطق الهامشية، حيث يشكل الصيدلي أحيانًا الحلقة الوحيدة في منظومة الرعاية الصحية، في المقابل، تؤكد الحكومة أن مراجعة الأسعار ضرورة ملحة لتقليص كلفة العلاج وتفعيل ورش الحماية الاجتماعية وتعميم التغطية الصحية.
لكن خلف هذا الجدل، يطرح سؤال جوهري:
هل مصلحة المواطن أولوية أم تظل رهينة مصالح مهنية ضيقة؟ أرقام الأرباح المعلنة تجعل من الصعب تفهم تهديد بعض الصيادلة بالإضراب، خاصة وأن الإضراب في هذا القطاع يعني شيئًا واحدًا: صحة وحياة مقابل أرباح.
من المخجل أن يتحول الصيدلي من شريك في حماية صحة المواطن إلى تاجر جشع لا يرى في الدواء سوى خزنة ذهبية.
الإصلاح مطلوب، والحوار ضروري، لكن تحت سقف واحد؛ حق المواطن في الدواء قبل أي اعتبار آخر، أما سياسة الابتزاز بالإضرابات فقد ولى زمنها، والرأي العام بات أكثر وعي بمن يدافع عن الخدمة الصحية ومن يلهث وراء هامش الربح الفاحش.