الرئسيةسياسة

بعد عقد على تصفيتها..اليماني: “قضية سامير” تقتضي تفعيل ربط المسؤولية بالمحاسبة

دق الحسين اليماني، الكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول والغاز، ورئيس الجبهة الوطنية لإنقاذ المصفاة المغربية للبترول، ناقوس الخطر من جديد، بمناسبة الذكرى العاشرة لتوقف الإنتاج بشركة “سامير”، مطالباً بربط المسؤولية بالمحاسبة في ما وصفه بـ”جريمة اقتصادية وطنية كبرى” خلّفت خسائر مالية فادحة وأضرت بالأمن الطاقي والقدرة الشرائية للمغاربة.

عشر سنوات من الشلل.. والبداية من 5 غشت 2015

في تصريحه الصادر بتاريخ 6 غشت 2025، ذكّر اليماني بالبلاغ الصحفي الصادر عن إدارة شركة “سامير” في مثل هذا اليوم من سنة 2015، والذي أعلن فيه تأخر تزويد المصفاة بالنفط الخام بسبب تقلبات السوق الدولية والصعوبات المالية، مما أدى إلى توقف جزئي لبعض وحدات الإنتاج، في انتظار استئناف العمل منتصف الشهر نفسه.

غير أن الأزمة تطورت بسرعة، بعد امتناع المالك السابق، رجل الأعمال السعودي محمد حسين العمودي، عن ضخ السيولة اللازمة لإنقاذ الشركة من انهيار مالي، وهو ما دفع الدائنين، بقيادة إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة، إلى تفعيل إجراءات الحجز على أموال الشركة وممتلكاتها بموجب مدونة تحصيل الديون العمومية، في إطار مطالبات تجاوزت 12 مليار درهم من الديون الضريبية المتراكمة، في عهد حكومة عبد الإله بنكيران ووزارة نزار بركة للمالية، هذا القرار أدى إلى التوقف النهائي للإنتاج ودخول الشركة في مسطرة التصفية القضائية، وهو المسلسل الذي لا يزال مستمراً إلى اليوم.

دعوة لفتح تحقيق شامل ومساءلة المسؤولين

طالب اليماني، بموجب مقتضيات الفصل الأول من الدستور المغربي الذي يقر بمبدأ “ربط المسؤولية بالمحاسبة”، بتحديد المسؤوليات في كل مراحل ما سماه بـ”جريمة سامير”، بدءاً من قرار خوصصة الشركة، مروراً بالتغاضي عن الإخلالات المتكررة بدفتر التحملات، والتعامل مع تداعيات حريق 2002، وانتهاءً بالإخفاق في إنقاذها خلال فترات الأزمات.

كما دعا إلى مساءلة من تورطوا في ما وصفه بـ”التسيير الكارثي” خلال فترة الإدارة الخاصة، سواء من داخل الشركة أو من الجهات التي كانت تراقبها، مبرزاً أن القضية تتجاوز الطابع التجاري الخاص، وتشمل خسارة مباشرة لأموال عمومية ومؤسسة صناعية حيوية كانت تُعدّ رمزاً للاستقلال الطاقي الوطني.

الحكومة تتهرب من الإنقاذ بحجة التحكيم الدولي

وفي سياق حديثه، ندد اليماني بما اعتبره “تهرباً واضحاً من الحكومة المغربية في أداء واجبها تجاه ملف سامير”، مستغرباً تذرعها بوجود نزاع دولي في محكمة التحكيم بين الدولة المغربية والمالك السابق لحصة الأغلبية في رأسمال الشركة (67%).

وطرح اليماني سؤالاً قانونياً محورياً: هل يمكن فعلاً اعتبار هذا النزاع الدولي مانعاً قانونياً للتفويت القضائي أو لإيجاد حل عاجل يعيد تشغيل المصفاة؟ واستحضر في هذا الصدد القاعدة القانونية المعروفة “الجنائي يعقل المدني”، متسائلاً إن كان هناك فعلاً مبرر قانوني لهذا الجمود، أم أن الأمر لا يعدو كونه محاولة لتمطيط الزمن بغرض طي الملف نهائياً.

التداعيات الاقتصادية والاجتماعية

في خضم هذه الوضعية، نبه اليماني إلى التداعيات العميقة لتعطيل تكرير البترول محلياً، والتي تجلت حسبه في ارتفاع أسعار المحروقات وتدهور القدرة الشرائية، فضلاً عن تهديد بضياع استثمارات عمومية بمليارات الدراهم وتعميق التبعية الطاقية الخارجية.

كما حذر من أن هذا الملف قد يبعث برسائل سلبية للغاية للمستثمرين الدوليين، باعتبار أن عدم حسم قضية سامير في إطار حكامة رشيدة ومحاسبة حقيقية، يضعف الثقة في المؤسسات المغربية.

النداء الأخير: هل تُنقذ سامير قبل فوات الأوان؟

في ختام تصريحه، شدد الحسين اليماني على أن قضية سامير لم تعد مجرد نزاع تجاري، بل أصبحت اختباراً حقيقياً لمدى احترام المغرب لمبدأ المحاسبة الدستورية، داعياً إلى تدخل وطني عاجل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، قبل أن تُفقد البلاد إحدى ركائز أمنها الطاقي والاقتصادي والاجتماعي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى