ظاهرة “صاكاضو sac à dos” بالجامعة العمومية..إخلال بالمسؤولية أم انهيار أخلاقي؟
10/08/2025
0
عبد الحق غريب
بادئ ذي بدء، اود ان أشير إلى أنني لا أعمم… ما دام هناك أساتذة تُحتم عليهم ظروف معينة (اجتماعية، صحية…) السكن بعيدا عن مقر العمل، دون أن يؤثر ذلك على التزامهم المهني…
المقصود هنا فئة بلا مبرر موضوعي، تجعل من الحضور الشكلي أسلوبا دائما، وتجعل من الاستقرار خارج مدينة العمل وسيلة لخدمة مصالح شخصية..
مقال يأتي في سياق سلسلة من المقالات التي التزمت بنشرها
وأود أيضا أن أشير إلى أن هذا المقال يأتي في سياق سلسلة من المقالات التي التزمت بنشرها، بهدف تسليط الضوء على عدد من المواضيع والممارسات المسكوت عنها داخل الجامعة العمومية.
في السنوات الأخيرة تفاقمت داخل الجامعة العمومية وبشكل ملفت ظاهرة ما يُعرف بأصحاب “صاكاضو”، حيث يكتفي بعض الأساتذة “الباحثين” بالحضور في مؤسساتهم يوما أو يومين في الأسبوع، شهرا او شهرين في الفصل الدراسي، قادمين من مقر سكناهم بمدن أخرى، حاملين حقائبهم (sacs à dos) وكأنهم في سياحة، وليس في مقر عملهم الدائم..
استخفاف واضح بالمسؤولية والتهاون في أداء المهام الإدارية
أما الطامة الكبرى فهي ان تجد بعض المسؤولين، كالعمداء والمدراء بدورهم من أصحاب “صاكاضو”، يتنقّلون يوميا بين مقرات سكنهم ومقرات عملهم.. يصلون متأخرين إلى المؤسسة ويغادرونها باكرا، وكأنهم في زيارة لضريح….وهو ما يعكس الاستخفاف الواضح بالمسؤولية والتهاون في أداء المهام الإدارية… بل يعتبر ذلك إحدى مظاهر التسيب والعبث في الجامعة العمومية.
بجامعة شعيب الدكالي يبرز هذا السلوك بشكل صارخ، خاصة في كلية الآداب والمدرسة العليا للتربية والتكوين (ESEF) حيث يتنقل كل من العميد والمدير يوميا بين الجديدة والدار البيضاء.. لا يصلان إلى مكتبيهما إلا في حدود العاشرة أو الحادية عشرة صباحا، ويغادران أحيانا مع بداية الزوال… وقد لا يحضران أصلا.
وهكذا، فإن مواعيد الاجتماعات يتم تحديدها وفقا لجدول تنقلاتهما، لا بناء على حاجيات المؤسستين، مما يؤثر سلبا على التدبير، ويُفاقم مظاهر الفوضى والاحتقان داخل الكلية والمدرسة..
استمرار ظاهرة “صاكاضو” داخل الجامعة العمومية لا يُعد مجرد انزلاق فردي معزول
كما أن هذه الظاهرة تسهم في استنزاف الميزانية عبر مصاريف تنقّل متكررة وغير مبررة، في ظل غياب آليات حقيقية للمراقبة والمساءلة..
إن استمرار ظاهرة “صاكاضو” داخل الجامعة العمومية لا يُعد مجرد انزلاق فردي معزول، بل مؤشر مقلق على تآكل منظومة القيم…
الظاهرة ليست مجرد انحراف عابر، بل سرطان ينخر الجامعة العمومية في صمت. والسكوت عنه ليس حيادا بل تواطؤ…
آن الأوان أن يصحو ضمير الأستاذ الباحث، وأن يتذكر أنه ليس مجرد موزع للنقط، بل حامل لرسالة نبيلة.. وإن لم يتحرك العقلاء داخل الجامعة، فسيستمر السقوط نحو القعر…
وكل التقدير والاحترام لمن تفرض عليهم الظروف التنقل، ومع ذلك يحرصون على أداء مهامهم المهنية او الإدارية بكل مسؤولية.