
تحوّل حفل زفاف وُصف بـ”الأسطوري” في ازغنغان بإقليم الناظور إلى قضية أمنية وقضائية مفتوحة، بعدما وثّقت أشرطة متداولة مشاهد فوضى واستعراض قوة: نثر مبالغ مالية ضخمة في الشوارع وسط الحاضرين، رجال ملثمون، سيارات فارهة تحمل رموزاً ذات إيحاءات حربية، واستعمال خطير لأسلحة الصيد في الشارع العام، ما أثار هلع السكان وفتح الباب أمام أسئلة أوسع حول حدود “الفرح المشروعة” وحرمة النظام العام.
من ليلة باذخة إلى حالة استنفار
و أمام حجم التجاوزات، باشرت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية تحقيقاً معمقاً فور انتشار المقاطع المصوَّرة، حيث قامت باعتقال 23 شخصاً حتى الآن، و لم يقتصر التحقيق على مَن ظهروا في مشاهد الفوضى؛ بل امتد بحسب مصدر مطلع، لاستجلاء احتمال تقصير مهني من جهات يفترض بها ضبط النظام وحماية القانون، و السؤال المركزي هنا: كيف تسربت هذه الخروقات إلى فضاء عمومي من دون تدخل فوري ناجع؟
العريس الغائب الحاضر
ما زاد من ثقل المفجاءة عدم حضور العريس نفسه و ملقب “بموسى” أغلب فترات الزفاف.. ليتبين لاحقا أنه شخصية مطلوبة بمذكرات بحث وطنية ودولية بتهمة تهريب المخدرات، ولم يظهر إلا لقطات خاطفة وهو ملثم قبل أن يختفي مجدداً، و هكذا تحوّل “بطل الليلة” إلى “شبح” قضائي، وصار الزفاف مسرحاً عرضياً لقصة أكبر من الفرح.
بين حق الفرح وهيبة القانون
تشدد السلطات على أنّ الفرح حق مكفول، لكنه لا يمنح رخصة لاستعراض العنف أو تعريض المواطنين للخطر، و استعمال أسلحة الصيد خارج ضوابطه القانونية، وبطريقة تُقلق السكينة العامة، يشكّل تجاوزاً واضحاً، والمحاسبة كما تؤكد الجهات الرسمية ستطال كل من ثبتت مسؤوليته، أياً كان موقعه.
نقاش عام وأسئلة مشروعة
أثارت الواقعة نقاشاً واسعاً داخل المجتمع المغربي.. حيث اعتبر البعض ما جرى مجرد “انزلاق مبالغ فيه” في إطار احتفال خاص، فيما رأى آخرون أنها تعكس محاولة مقصودة من شبكات إجرامية لإظهار النفوذ والسطوة عبر المناسبات الاجتماعية، ويظل السؤال قائماً: هل كان ما حدث مجرد تعبير فردي عن الثراء والاستعراض، أم إشارة جماعية مقصودة لتحدي هيبة الدولة؟
ما بدأ ليلة فرح استثنائية انتهى إلى اختبار صريح لهيبة الدولة وحدود القانون. التحقيق الجاري سيحسم في المسؤوليات، لكنه وجّه سلفاً إنذاراً واضحاً: لا عرس فوق القانون، ولا فرح يعلو على أمن الناس.