
تسعى شركة “Guizhou Tyre” الصينية، الرائدة في مجال تصنيع إطارات الشاحنات والحافلات والمركبات الثقيلة، إلى دخول مرحلة جديدة من التوسع العالمي من خلال مشروع استثماري مرتقب بالمملكة المغربية، ليكون ثاني توسع خارجي للشركة بعد تجربتها السابقة في فيتنام، حيث تحمل الخطوة في طياتها أبعادًا اقتصادية واستراتيجية تتجاوز مجرد إنشاء وحدة إنتاجية جديدة.
مشروع في بداياته… ودراسة جدوى قيد الإعداد
تؤكد المعلومات الرسمية المتوفرة حتى الآن أن المشروع لا يزال في مراحله الأولى، إذ لم تُحدد بعد معالمه النهائية، سواء على مستوى حجم الاستثمارات أو مكونات المنشأة المرتقبة.. وتقوم الشركة حاليًا بإعداد دراسة جدوى شاملة، ستشكل أرضية لتقديم ملفها إلى السلطات المغربية المختصة بغرض الحصول على الموافقات التنظيمية اللازمة قبل الإعلان عن التفاصيل النهائية.
يعكس هذا المسار رغبة الشركة في التمهل قبل اتخاذ خطوات كبرى، في انسجام مع استراتيجيتها المعتمدة منذ تأسيسها سنة 1958، القائمة على التخطيط بعيد المدى وضمان موطئ قدم مستقر في الأسواق التي تستهدفها.
عملاق صيني بملامح عالمية
رسخت “Guizhou Tyre” مكانتها كأحد أبرز الفاعلين في قطاع الإطارات منذ أكثر من ستة عقود ، حيث تسوّق منتجاتها تحت علامات تجارية معروفة مثل Advance، Samson و Tornado . وتُصدّر الشركة منتجاتها إلى أكثر من مئة دولة، ما جعلها لاعبًا محوريًا في سوق عالمي شديد التنافسية.
و يأتى الرهان على المغرب اليوم في سياق بحث الشركة عن تعزيز تنافسيتها عبر توزيع أكثر توازنًا لقدراتها الإنتاجية، وعدم الاكتفاء بالاعتماد على السوق المحلية أو المراكز التقليدية في آسيا.
المغرب… وجهة صاعدة للاستثمار الصناعي
اختيار المغرب كمحطة جديدة لهذا الاستثمار ليس صدفة، بل يعكس التحولات التي جعلت المملكة أحد أبرز الوجهات الصناعية في القارة الإفريقية. فالبنية التحتية المتقدمة، من موانئ مهمة مثل ميناء طنجة المتوسط، إلى شبكة الطرق واللوجستيك الحديثة، جعلت من البلاد قاعدة مثالية للتصدير نحو الأسواق الأوروبية والأمريكية والإفريقية.
وتجدر الإشارة إلى أن المغرب يحتضن بالفعل مشروعًا صينيًا مماثلًا لشركة “Sentury Tire” بمدينة طنجة، و الموجه أساسًا للتصدير نحو الولايات المتحدة، وقد حصلت الشركة على التصاريح الأمريكية اللازمة، في إشارة إلى جدية مناخ الأعمال المغربي وقدرته على تلبية متطلبات كبريات الشركات العالمية.
أبعاد استراتيجية للمشروع المرتقب
في حال خروج مشروع Guizhou Tyre إلى حيز التنفيذ، فإن ذلك لن يمثل مجرد استثمار صناعي جديد، بل إضافة نوعية تُعزز موقع المغرب كمركز إقليمي لصناعة الإطارات، كما سيُسهم في تنويع النسيج الصناعي الوطني، وخلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، فضلًا عن نقل الخبرات التقنية وتوطين صناعة ذات قيمة مضافة عالية.
و يتماشى هذا التوجه مع رؤية المغرب في استقطاب الاستثمارات الأجنبية النوعية، التي لا تقتصر على النشاط الإنتاجي فقط، بل تندمج في سلاسل القيمة العالمية وتُكرس موقع المملكة كفاعل أساسي في الصناعات الميكانيكية والهندسية.
المغرب بين الفرصة والتحدي
رغم أن المشروع لا يزال في طور التحضير، إلا أن دلالاته الاقتصادية والسياسية واضحة: ثقة متزايدة من كبريات الشركات الآسيوية في البيئة الاستثمارية المغربية، غير أن التحدي الأكبر يظل في ضمان سرعة إنجاز الإجراءات، وتوفير شروط الاستقرار القانوني والجبائي، بما يتيح لهذا الاستثمار أن يتحقق في آجاله، ويُترجم إلى قيمة مضافة حقيقية داخل الاقتصاد الوطني.
إن نجاح المغرب في احتضان استثمار جديد من حجم Guizhou Tyre لن يكون سوى خطوة إضافية لترسيخ صورته كـ”منصة صناعية عابرة للقارات”، قادرة على جذب واستيعاب مشاريع استراتيجية تُغير موازين القوى داخل قطاعات حيوية مثل صناعة الإطارات.