إطلاق سراح معتقلي الحراكات الاجتماعية والرأي مدخل لمصالحة وطنية حقيقية
07/09/2025
0
بقلم عبدالرحمان الغندور
حتى لا نكون عدميين، أو عبثيين، ومن موقع النضال المسالم، الذي يسعى لتجنيب الوطن الارتماء في منطقة الزوابع والزلازل والبراكين، التي من شأنها أن تدمر كل شيء، نرى أن المرحلة الراهنة من تاريخ المغرب، حيث تواجه البلاد تحديات متعددة على المستويات الجيوستراتيجية، والاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
مما يجعل الحاجة ملحة إلى مواطنة فاعلة تتجاوز إرث الماضي بجرأة وشجاعة.
فمغرب اليوم يتطلب مستوى عالياً من الوطنية الحقيقية، التي تتجلى في العمل على لمّ الشمل وبناء جسور الثقة بين الدولة والمواطنين.
ويعتبر الإفراج عن معتقلي حراك الريف والحراكات الاجتماعية الأخرى ومعتقلي الرأي وكافة المعتقلين السياسيين خطوة أساسية لا يمكن تجاوزها في أي مسار مصالحة حقيقية. فالحق في التعبير والمشاركة السلمية في الشأن العام هو حق دستوري، والإفراج عن هؤلاء يمثل رسالة قوية، من ملك البلاد، بما يمثله من رمزية وسلطة، تؤكد حقا أن ملك البلاد يقف إلى جانب مواطنيه ويحترم حقوقهم.
المصالحة الوطنية الحقيقية تبدأ بالاعتراف بضرورة فتح صفحة جديدة
لقد مثلت هذه القضايا هاجساً للرأي العام المحلي والدولي، وكل تأخير في معالجتها يعيق مسار الديمقراطية والتنمية الذي ينشده المواطنون والمواطنات.
فالمصالحة الوطنية الحقيقية تبدأ بالاعتراف بضرورة فتح صفحة جديدة، قائمة على التسامح والعدالة وصون الكرامة وحماية الحريات. تزامنا مع معركة جريئة لمحاربة الفساد التي تعتبر مدخلاً أساسياً لاستعادة ثقة المواطنين في مؤسسات الدولة.
لقد أصبح الفساد المستشري في جل الدوائر والمجالات هو مبعث الحراكات والاحتجاجات، ويمثل عائقاً حقيقياً أمام التنمية، ويهدر موارد البلاد ويعمق الفوارق الاجتماعية.
إن محاربة الفساد تتطلب إرادة سياسية حقيقية وسياسة جريئة تشمل تعزيز استقلالية القضاء ونزاهته، وتفعيل دور هيئات الرقابة والمحاسبة، وحماية المبلغين عن الفساد، وتبسيط المساطر الإدارية والحد من شطط المواقع والمراكز، والشفافية في تدبير المال العام.
وضع حد لظاهرة زواج المال بالسلطة التي تؤدي إلى استشراء الفساد
كما أن من الأولويات الأساسية لبناء دولة القانون والمؤسسات، وضع حد لظاهرة زواج المال بالسلطة التي تؤدي إلى استشراء الفساد وانهيار الثقة في المؤسسات. إن الفصل بين النفوذ الاقتصادي والسلطة السياسية يحقق تكافؤ الفرص ويضمن المنافسة الشريفة ويعيد الاعتبار للكفاءة والنزاهة.
إن المغرب اليوم أمام فرصة تاريخية لا ينبغي التفريط فيها، لبناء مسيرته الديمقراطية ونموذجه التنموي الحقيقي.
فالإفراج عن المعتقلين السياسيين، واعتماد سياسة جريئة لمحاربة الفساد، وفصل المال عن السلطة، ليست مجرد مطالب ظرفية، بل هي مداخل أساسية لأي مصالحة وطنية حقيقية.
والوطنية الحقيقية تتجلى في الشجاعة لمواجهة التحديات وبناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة، مستقبل تقوم فيه الثقة بين الدولة والمواطن على أساس الاحترام المتبادل والعدالة والمساواة في الحقوق والواجبات، من خلال الإصلاحات الجريئة والشاملة، التي تمكن المغرب من أن يحقق مصالحة وطنية حقيقية ويبني أساساً متيناً لثقة متجددة بين الملك والشعب وبين الدولة والمواطن، ويفتح الطريق أمام تنمية مستدامة وشاملة لجميع أبناء الشعب المغربي.
اللهم إنا قد بلغنا وحذرنا وقلبنا يرجف بين أضلعنا، لعل عقولا وآذانا تسمعنا.