
ترحيب “غير مسبوق” بفيلم “فلسطين 36” في مهرجان تورونتو
أ ف ب، رويترز: في فيلم “فلسطين 36”، تستعيد المخرجة آن ماري جاسر أحداث العام 1936 الذي شهد ثورة عربية ضد الحكم الاستعماري البريطاني، وهي فترة تعتبرها محورية في فهم التاريخ والتوترات الحالية في الشرق الأوسط.
وقالت جاسر لوكالة فرانس برس غداة العرض العالمي الأول لفيلمها الروائي الطويل في مهرجان تورونتو السينمائي الدولي في كندا: “لا يمكن فهم أين نحن اليوم دون فهم ما حدث في 1936”.
وأوضحت آن ماري جاسر، المقيمة في مدينة حيفا، أنها أرادت من خلال هذا الفيلم سد الفجوة المعرفية المحيطة بتبعات السياسات البريطانية خلال فترة الانتداب، قبل إنشاء دولة إسرائيل في العام 1948.
وقالت: “لقد أردت وضع البريطانيين أمام مسؤولياتهم”.
أدى تدفق المهاجرين اليهود من أوروبا وخوف المزارعين الفلسطينيين من فقدان المزيد من أراضيهم إلى دعم الثورة المسلحة. ويصوّر الفيلم تفاصيل الرد الاستعماري القاسي: الضرب وعمليات توقيف جماعية وحرق منازل بعد تفتيشها.
وأشارت آن ماري جاسر إلى أن الجيش الإسرائيلي استخدم هذه التكتيكات فيما بعد ضد الفلسطينيين.
يأخذ الفيلم المشاهدين إلى تقرير لجنة بيل الذي أوصى بتقسيم فلسطين
كذلك، شددت المخرجة المولودة في بيت لحم، على سياسة “فرّق تسد” الاستعمارية التي استخدمها البريطانيون على نطاق واسع.
ويأخذ الفيلم المشاهدين إلى تقرير لجنة بيل الذي أوصى بتقسيم فلسطين إلى مناطق منفصلة لليهود والعرب، وهو الاقتراح الذي استُلهمت منه خطة التقسيم التي وضعتها الأمم المتحدة في العام 1947.
جاسر: تأمل بأن يساهم “فلسطين 36” في رفع مستوى الوعي بالأثر الدائم للانتداب البريطاني
وأعربت جاسر عن سعادتها بالترحيب الذي حصل عليه العرض العالمي الأول للفيلم وقالت: إنه كان “جنونيا”، ويعود ذلك جزئيا إلى الغضب الحالي بشأن الحرب في قطاع غزة.
وقالت: إنها تأمل بأن يساهم “فلسطين 36” في رفع مستوى الوعي بالأثر الدائم للانتداب البريطاني. وأضافت: “صدمت بعدد الأشخاص الذين سألوني: هل كان البريطانيون في فلسطين؟”.
ويسرد عمل المخرجة الفلسطينية قصة متجذرة في الماضي لكن صداها يتردد في الحاضر، وربما تعطي الأمل في المستقبل.
تمتلك شركة “ووترميلون بيكتشرز” حقوق توزيع الفيلم في الولايات المتحدة وكندا
يستكشف فيلم “فلسطين 36” فلسطين في العام 1936 وهي تغلي تحت الانتداب البريطاني بينما كان اليهود الفارون من أوروبا يؤسسون موطئ قدم لهم.
تمتلك شركة “ووترميلون بيكتشرز” حقوق توزيع الفيلم في الولايات المتحدة وكندا، وهو الفيلم الذي تقدمت به فلسطين لجائزة الأوسكار هذا العام.
تدور أحداث الفيلم إلى ما يقرب من قرن من الزمن، لكنه يبدو انعكاسا للعصر الحالي بكل تفاصيله تقريبا وفيه يناضل أبطاله الفلسطينيون من أجل حقوقهم بينما يحاصرهم المستوطنون الزاحفون وقوة استعمارية قاسية.
وهنا تبرز أسئلة منها متى تجب المقاومة وإذا ما كان يتعين أن يقاوموا وكيف يمكن أن تبدو هذه المقاومة، وما هو ثمنها.
وقالت آن ماري لرويترز: “كانت القصة دوما معاصرة جدا بالنسبة لي… لم أرغب أبدا أن تبدو وكأنها شيء من الماضي. لكن كل تلك التداعيات (لعام 1936)، أعني أنها مهدت الطريق لكل ما نشهده، اليوم”.
رسائل الفيلم قوية لكنها ليست خفية
رسائل الفيلم قوية لكنها ليست خفية إذ تقول إحدى الشخصيات لأخرى: “ربما عليك أن تفكر في أي جانب من التاريخ تريد أن تقف عليه”، وعلى مدار 119 دقيقة، يوصل الفيلم لمشاهديه الرسالة ذاتها.
ويعكس محتوى الفيلم الحاضر، فبعد مرور ما يقرب من عامين على بدء الحملة العسكرية الإسرائيلية على غزة، قُتل أكثر من 64 ألف فلسطيني، بحسب السلطات الصحية في القطاع الذي تحول جزء كبير منه إلى أنقاض ويواجه سكانه مجاعة، بحسب مراقبين دوليين.
ويصف باحثون وجماعات حقوقية، ومنها إسرائيلية، أفعال إسرائيل في غزة بأنها إبادة جماعية.
كانت آن ماري وفريق عملها قد قضوا 10 أشهر في مرحلة التحضير للإنتاج وكانوا على وشك بدء التصوير عندما قلبت أحداث السابع من أكتوبر وما تلاها عالمهم وعملهم رأسا على عقب.
وقالت: “كنا في بيت لحم. وكان لا بد من إجلاء الجميع… انهار كل شيء وعندها حل الظلام. واشتدت الظلمة والحلكة”.
وأضافت: “واجهتنا مشكلات العالم الأول الهينة نسبيا. صنع فيلم عندما تكون هناك إبادة جماعية يبدو حقا وكأنه امتياز. لكنه مهم بالنسبة لنا. مهم للجميع. وقد بدا الآن أكثر أهمية من أي وقت مضى، لأننا فنانون، وهذا ما نفعله”.
ومن بين نجوم الفيلم جيريمي ايرونز وهيام عباس فيما يلعب صالح بكري دور فلسطيني يشعر بأن عليه المقاومة.
وقال: إن الناس قد يشعرون أنه ليس لديهم خيار سوى المقاومة.
وأضاف: “الفن هو… من أشكال المقاومة. لكنه نوع من المقاومة الروحية الحية”.