الرئسيةمجتمع

طرد جماعي في مدرسة تابعة لمؤسسة الأخوين بإفران

في فصل دراسي اختلطت فيه شكاوى العائلات بغضب المواطن، تلقّت 16 عائلة بإفران في بداية الموسم الدراسي 2025/2026 إشعارات صادمة بطرد أبناؤهم من مدرسة تُنسب إلى «الأخوين»،

و فيما تبرر الإدارة القرار بأنه نتيجة اعتراض أولياء الأمور على زيادات فجائية في رسوم التسجيل، يتحدث الأولياء عن استهداف ممنهج وكسر لمبدأ حق الطفل في التمدرس، فحسب أولياء الأمور: اتخذت الإدارة قرارات فردية، ورسوم ارتفعت أحيانًا بنسبة تصل إلى 200%، وحملة من التضييق على أصوات احتجاج بسيطة طالبت بتحسين مستوى التعليم بدلًا من ابتزاز الأهالي.

من زيادة مفاجئة إلى طرد ممنهج

تقول أسر التلاميذ إن الاعتراض على الزيادة لم يكن محاولة لتجنب المسؤولية، بل دفاعًا عن قيمة ما يدفعون مقابله «الخدمات المُقدمة لا ترقى إلى ثمنها»، ووفق ما نقلته الجمعية، فقد اتخذ المدير القرار دون عرض المسألة على مجلس الإدارة الذي يضم رئيس جمعية أباء وأولياء التلاميذ، ما اعتُبر خرقًا صريحًا للقواعد المؤسسية.

هذا و تُوجه الأسر اتهامات محددة: «الطرد استهدف أبناء أعضاء الجمعية رغم دفعهم الرسوم كاملة»، ووصفت سلوك الإدارة بأنه «تهديد وابتزاز».

اسم تحت المجهر: إيمانويل لاكوست

في قلب هذه الأزمة يبرز اسم المدير، «إيمانويل لاكوست»، المستقدم قبل عامين من قبل رئيس جامعة الأخوين.. فالأسر لم تكتفِ بالاعتراض على الزيادة، بل أثارت قضايا قانونية وإدارية: أن لاكوست لا يحمل الجنسية المغربية — وهو شرط نصت عليه المادة 10 من المرسوم رقم 2.00.1016 الصادر في 7 يونيو 2000 — وأن كفاءته العلمية والتربوية محل شك، وفق اقوال أولياء الأمور الذين أشاروا إلى شكايات طُرحت ضده أثناء عمله في مؤسسة تعليمية بالولايات المتحدة.

الأوصاف التي ألصقها الأهالي بالمدير لم تخلُ من السخرية والاندهاش: «قائد عسكري سابق في المارينز» و«يحب الحرب»؛ عبارات تعكس استياءً من أسلوبٍ يرسم صورة قائد بالزي العسكري في حكومة المدرسة..كما يتحدث الأهالي عن أساليب تسُلطية «أدت إلى هجرة عدد من الأساتذة الأكفاء»، وعن ترويج لتجارب عسكرية داخل الفصول الدراسية، وصولًا إلى شكاوى أخلاقية بشأن بعض الأساتذة الأجانب.

جودة تعليم أم مسرح للتعاقدات؟

تتهم الجمعية الإدارة بسوء تدبير المنظومة التربوية: بما في ذلك غياب برنامج واضح، اعتماد بعض الأساتذة على تحضير الدروس عبر برامج الذكاء الاصطناعي مثل ChatGPT، وتجميع تلاميذ من مستويات مختلفة في ثلاث مجموعات فقط.. وصفٌ يترجم الحالة بـ«فوضى عارمة»، وفي الجانب الأخلاقي، تتحدث الأسر عن حوارات وصفوها بأنها «مخجلة» من أساتذة مع تلاميذ يافعين، وطرد بعض الأساتذة بعد شكاوى، فيما يبقى آخرون «متعنتين» بحسب شهادات الأهالي.

«ولينا مواطنين أقل شأن من المهاجرين السريين في أوربا»

أسوأ ما يخشاه الآباء هو أن شهادات أبنائهم لم تعد محل اعتراف عند بعض المدارس العليا، ما يجعل مستقبلهم التعليمي على المحك، و القضية هنا ليست نزاعًا بين إدارة وآباء فحسب؛ إنها مرآة تعكس علاقة المواطن المغربي بمؤسسات التربية والتعليم في زمن تُعظِّم فيه الإدارة الفردية وتتراجع فيه آليات المساءلة.. كيف نفسر أن أسرًا مضطرّة للدفاع عن حق أبنائها في التمدرس؟، الجملة ليست مجرد استفهام بل تهمة أخلاقية موجّهة للمجتمع والدولة: «ولينا مواطنين أقل شأن من المهاجرين السريين في أوربا».

يتساءل الأهالي بمرارة: كيف يُطرد تلاميذ من مؤسسة تعليمية وتُرفض باقي المؤسسات استقبالهم بسبب عدم إتقان لغات تعليمية أو لعدم توفر المدرسة المطروحة على «رمز مسار» المعتمد؟

هل يذهب هؤلاء الأطفال إلى الشارع أم يتعين عليهم «الهجرة» لكي يتعلموا؟ هذه العبارة لم تكن مجرد تذمر عائلي، بل انعكاساً لشعور أوسع بأن المواطن بات أقلّ حظاً من مهاجرٍ سري في بعض معادلات الاندماج والحقوق في أوروبا، وهو تشبيه قاسٍ لكنه يعبر عن إحساس بالمهانة والظلم.. هذا الصوت يضع المسؤولين أمام سؤال بسيط ومحرج: هل التمدرس حق أم سلعة تُباع وتُشترى؟

ماذا فعل الآباء والجهات الرسمية؟

قضية كهذه تكشف فراغاً مؤسسياً: فعند توجّه العائلات إلى الجهات المعنية، يردّ بعضها بأن المدرسة لا تخضع لوزارة التربية الوطنية بشكل مباشر، وأنّها تابعة لهيئات جامعية وإدارية لها وضع خاص، ما يضع الأهالي أمام لعبة مسؤوليات بين جهات مختلفة، مما يؤخر معالجة الحالات الطارئة ويجعل الأطفال في موقف «عالق» بين قرارات إدارية وإجراءات قضائية طويلة الأمد وفي هذا السياق جمعت جمعية آباء وأولياء التلاميذ شكايات ومراسلات أرسلتها إلى مجلس أمناء جامعة الأخوين، ووزارات التربية والتعليم والتعليم العالي، والأوقاف، وعامل إقليم إفران، ووالي جهة فاس-مكناس، والمرصد الوطني لحقوق الطفل.. لم تترَجَم هذه المراسلات إلى تحرك ملموس حتى لحظة البيان، ما دفع الجمعية للتأكيد على «إيمانها بدولة الحق والقانون» ومبدأ «العدالة الاجتماعية»، كدعوة مضمّنة للجهات المسؤولة للعمل قبل تفاقم الأزمة.

من يضمن حق الطفل أمام قرارٍ فردي؟

المعركة الآن ليست فقط حول إعادة تلاميذ إلى قاعات الدرس، بل حول استعادة فكرة أن المدارس مؤسسات عامة الخدمة والواجب، لا أبراجاً إدارية تُدار بقرارات فردية تُغيّب التشاركية والرقابة.

و في هذا السياق، يطالب أولياء الأمور بتحقيق شفاف، وبإلغاء قرارات الطرد، وتدخلاً رسمياً يضمن حق الأطفال في التمدرس وحماية شهاداتهم ومستقبلهم، فتعليم الأطفال ليس سلعة تُشترى أو تُسحَب، بل حق دستوري وأخلاقي لا يجوز التفريط فيه..

السؤال باقٍ، والإجابة تتطلب أكثر من بيانات ولجان؛ تتطلب إرادة سياسية واضحة واحترامًا لا مساومة على حق التمدرس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى