
عبر الصحافي، رشيد البلغيثي، أنه وبالنظر للعدد الذي يخرج من الشباب تحت لافتة، جيل “Z”، وللحضور الجماهيري فيه، وللواقع القائم الجيوسياسي، عن اعتقاده أن الملك، لن يخرج للجواب عن ما يحدث في الشارع، فما يحدث مختلف عن السياق العام، الذي خرج فيها شباب حركة 20 فبراير، حيث كان الحضور كبيرا، وحيث خرج الملايين من المغاربة للشارع، وحيث كان الشعار المؤطر للخروج سياسيا ويتعلق بنموذج الدولة وطبيعتها، وحيث سقطت أنظمة حكم في مصر وتونس..، وحيث كانت عموم المنطقة مشتعلة.
دستور 2011 سرد حريات وحقوق لكن لم يضمنهما
جاء ذلك، في حوار مع البلغيثي، أجرته “DW” الالمانية و بثته أمس الاثنين، حيث أشار، أن الملك خرج لتبني سبع مداخل على الأقل من المداخل والرؤى التي رأها شباب حركة 20 فبراير للتغيير، ثم جاء بعد ذلك محاولة تصريفها في الدستور، الذي سرد الحريات غير أنه لم يضمنها، كما قال الباحث محمد الساسي.
المقاربة الامنية فيها خصومة مع طهير الحريات العامة ومع الدستور
واعتبرالبلغيثي في الحوار نفسه: أن المقاربة التي تم بها التعامل مع الشباب المحتج، فيها خصومة واضحة مع ظهير الحريات العامة الذي صادق عليه المغاربة في نونبر 1958، و مع الدستور فيما يسرده في باب الحريات والحقوق، معتبرا أن النهج الذي سلكته الدولة في التعامل مع مختلف الاحتجاجات في السنوات الأخيرة، والذي تغيب فيه كل المؤسسات أمام السؤال الاجتماعي والسياسي، الذي تطرحه فئات مختلفة من الشعب المغربي، لتحضر فقط مؤسسة واحدة، وهي المؤسسة الأمنية، التي هي من تعطي الجواب من خلال تفريق المظاهرات، وسحل المحتجين أحيانا، ومقاربات قضائية تلي كل ذلك.
حركة 20 فبراير شعارها كان سياسيا وجيل “Z” مطالبه اجتماعية
وفي معرض إجابته عن سؤال، يتعلق بالفروقات بين حركة 20 فبراير، وشباب “Z”، قال البلغيثي: إن حركة 20 فبراير، كان سقفها سياسي، بمعنى أنها طالبت بديمقراطية فيها فصل للسلطات، واعتبرت أن الدستور هو المدخل الأساسي لكل إصلاح في المغرب تليه إصلاحات ذات طبيعة اجتماعية واقتصادية، فيما يضيف البلغيثي في الحوار ذاته مع القناة الألمانية، أن جيل “Z”، مطالبه اجتماعية ركزتهما في الصحة والتعليم.
جيل زيد يعلن تبرأ وتبرما من السياسة تصريحا أو تلميحا
وتابع المتحدث ذاته، أن جيل حركة 20 فبراير كانت وجوهها معروفة، نناقش بشكل علني قبل أن نخرج للشارع العام، مشيرا أنه يبدو أن التراكم الذي خلفته المقاربة الأمنية لسنوات عديدة، جعلت الجيل الجديد من الشباب، يستعمل أسماء مستعارة داخل غرف “الويب”، قبل أن يخرج للشارع، شابات وشبان، فتيات وفتيان زهور من أزهار المغرب، يخرجون علنا للمطالبة بالصحة والتعليم ومحاربة الفساد، مع نوع من التبرأ أو التبرم تلميحا أو تصريحا من المطالب السياسية الكبرى.
وتابع البلغيثي في السياق ذاته، وتفاعلا مع أسئلة تهم محاولة فهم هذا الجيل الناهض من الشباب، قائلا، إنه وبالاستناد لمعطيات وأرقام سنفهم ما يحدث الان مع هذا الجيل بأبعاد ذات طابع سياسي وسوسيولوجي:
هؤلاء الشباب أبناء العهد الجديد وهم ثلث المغاربة
هؤلاء الشباب يشير البلغيثي، أبناء العهد الجديد، وهو التوصيف الذي اطلق على مرحلة اعتلاء الملك محمد السادس عرش المملكة، هم ثلث المغاربة، وفق تقارير المندوبية السامية للتخطيط، مليون و400 ألف شاب وشابة منهم ليس لديهم عمل ولا تكوين ولا دبلوم، يخرجون في الصباح ولا أفق لهم.
هؤلاء الشباب يعيشون فجوة كبيرة بين ما يشاهدونه في عوالم افتراضية وبين صدمة كبيرة في الواقع المغربي
هؤلاء الشباب يتابع البلغيثي في الحوار نفسه، أبناء الويب والشبكات وغرف الدردشة، ويعيشون حالة فجوة كبيرة، بين ما يشاهدونه في العوالم الافتراضية، من حرية وكرامة ودينامية وفرص للتعبير الحر في الفضاء العمومي المفتوح لكل المواطنان والمواطنيين، وفرص الشغل والرفاه والفعل التقافي الحر…، وما بين صدمتهم الكبيرة في هذا الواقع المغربي الذي صدت وسدت فيه كل أبواب الولوج للفضاء العام للتعبير عن الرأي، وللفضاء الاقتصادي للاستفادة من ثروة يبدو أنه أضحت بين أيادي قليلة، وهذا بمعطيات وأرقام الدولة لا غيرها، وبتصريحات رئيس الدولة الذي كان طرح سؤالا منذ سنوات، أين الثروة؟..وبعد سنوان تفاقمت الازمة واستفحلت.
مع هؤلاء الشباب ليس الأمر مرتبطا باحتجاج لحظي مرحلي على حكومة عزيز أخنوش
وتابع الصحافي البلغيثي، إننا اليوم مع هؤلاء الشباب ليس الأمر مرتبطا باحتجاج لحظي مرحلي على حكومة عزيز أخنوش، التي تقول عنها كل الأرقام أنها حكومة سيئة و باختيارات سيئة، وبنخب سيئة ولعل عدد منها هم متابعون بملفات قضائية، وعليهم أحكام يندى لها الجبين، بما فيها الاتجار بالمخدرات الصلبة…، لكن يضيف البلغيثي، احتجاج هؤلاء الشباب اليوم يقتضي، أن نقول وبإنصاف، وبالاعتماد على الأرقام والتحليلات الرصينة، أنه احتجاج فوق حكومي، إنه علامة على فشل نموذج مغربي فوق حكومي، تجاوز كل الحكومات، يعمل على سد كل الفضاء العمومي، ويحدد للفاعلين وللراغبين في الانخراط الحزبي، أو في الديناميات المدنية أن يكون لهم سقف متدني ومحدد.
ما معنى القول إن المؤسسة الأمنية مؤسسة سيادية؟
في السياق ذاته، وتفاعلا مع أسئلة المحاور، عرج البلغيثي للنبش في معنى القول بأن المؤسسة الأمنية مؤسسة سيادية، ومالمقصود بذلك؟، مستدركا بالتساؤل أليس هناك سياسات عمومية أمنية يتم تداولها تحت سقف الحكومة؟ أليس وزير الداخلية عضوا من الناحية النظرية داخل هذه الحكومة؟ ألا يجب أن تكون المؤسسة الأمنية بموجب الدستور محل تحليل وتحقيق ورقابة برلمانية، باعتبار أن البرلمان هو أعلى تعبير عن الإرادة الشعبية؟…إن هذه الأسئلة هي جوهر القصة ومربط الفرس والجمل، وفق تعبير البلغيثي.
وأضاف أن المغاربة أمام سيل مطالبتهم بشكل متكرر ومتواتر طيلة عقود، كانوا يبحثون عن شيء بسيط، يريدون أن يروه في معيشهم اليومي، ربط المسؤولية بالمحاسبة، من أحسن السياسة كوفئ ومن أساء في اختياراته يكون الصندوق هو بين المغاربة فيصلا، مشكلة المغاربة، يقول البلغيثي، سياسات غير خاضعة للصندوق.
يجوز للمغرب أن تكون له منشآت رياضية تليق بمنشاته التعليمية والصحية
وفي معرض تفاعله مع سؤال يهم أحقية المغرب في بناء مؤسسات رياضية تليق به وبإنجازاته الكروية، قال البلغيثي، نعم يجوز للمغرب ذلك، يجوز للمغرب، أن تكون له منشآت رياضية في مستوى منشآته الصحية، مشيرا بهذا الصدد أن مستشفى الحسن الثاني الذي كان الشرارة لهذا الاحتجاج الشبابي هو إسطبل ادمي، وهو ما ينطبق على باقي المستشفيات في جل أقاليم ومدن وجهات المغرب.
إنه واقع صحي يقول البلغيثي، يتزامن مع ولادة مصحات خاصة، بل شركة واحدة للمصحات الخاصة، تمتص الميزانيات العمومية التي خصصت للتغطية الاجتماعية والخارجة من الصناديق العمومية.
جهة واحدة في القطاع الصحي أريد لها أن تمتص مال المغاربة
إنه اختيار، أريد له أن يجعل من القطاع الخاص، بل جهة واحدة هذا القطاع، تمتص مال المغاربة، بدل أن يكون هذا المال فرصة استثنائية وتاريخية للنهوض بالقطاع الصحي العمومي، بما يجعله يجيب عن الحاجيات الصحية للمغاربة.
وأضاف البلغيثي، يجوز للمغرب، وهو من إحدى طموحات هذا الجيل الذي خرج خلال هذين اليومين الأخيرين، أن يؤسس فضاءات رياضية، تليق بفضاءاته التعليمية،
الفضاء المغربي مغلق ولا إمكانية لصوت فيه أن يحضر إلا إذا كانت مفرداته مسطرة سلفا
البلغيثي وفي اخر الحوار الذي أجرته معه “DW” الألمانية، اعتبر أن الفضاء المغربي مغلق تماما، ولا إمكانية لصوت أن يحضر إلا إذا كانت مفرداته مسطرة سلفا، وهذه المفردات موجودة لدى أحزاب هي التي تم تركها اليوم، وداخل صحافة مفروضة اليوم على باقي الصحافيين والأجسام الصحافية، تعيد سردية مداحة داعمة لهذا الذي وقع ويقع، والذي اوصلنا إلى هذا الذي نعيشه اليوم.
اقرأ أيضا…
جيل “Z” حركتنا سلمية ومطالبنا اجتماعية مشروعة والاحتجاجات أكدت قوة الصوت الشبابي