قالت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، إنه و على الرغم من بعض المؤشرات الإيجابية التي أبرزتها تقارير رسمية، وعلى رأسها انخفاض نسبة الفقر من 11.9% إلى 6.8%، وتراجع عدد الفقراء من 4.5 ملايين إلى 2.5 مليون، فإن هذه الأرقام لا تعكس التحولات العميقة المطلوبة على مستوى جودة الحياة وكرامة المواطن.
الأرقام لا تعبّر عن الواقع الحقيقي
جاء ذلك في بلاغ للعصبة بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الفقر، حيث أكدت، أن “الأرقام لا تعبّر عن الواقع الحقيقي الذي يعيشه المواطنون، خاصة في العالم القروي”، والذي يتمركز فيه 72% من الفقراء، في مؤشر، واضح، على “فشل النموذج التنموي الوطني في تحقيق العدالة المجالية وضمان توزيع منصف للموارد والفرص”.
وأضاف البلاغ ذاته، أنه واستنادا للمعطيات المتوفرة فإن التفاوتات لا تزال حادة، سواء بين المناطق الحضرية والقروية، أو بين مختلف الفئات الاجتماعية، حيث يظل الولوج إلى الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة والسكن وفرص الشغل الكريم محدودًا لشرائح واسعة من المواطنين، خصوصًا في المناطق القروية والنائية.
الفقر انتهاك للكرامة الإنسانية
وتابعت العصبة القول، بأن الفقر، بما هو، حرمان مادي، وتفاقم الوضع المعيشي للمواطنات والمواطنين، فهو كذلك، يعد انتهاكاً للكرامة الإنسانية، وخرقاً
للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المنصوص عليها في المواثيق الدولية، خاصة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، معتبرة أن كل حرمان من التعليم أو العلاج أو السكن أو الشغل الكريم يُعدّ انتهاكاً مباشراً للحق في العيش بكرامة، ما يقتضي مراجعة عميقة للسياسات العمومية التي تكرّس الريع وتمنح الامتيازات لفئات محدودة على حساب الأغلبية.
مظاهر الهشاشة ما تزال قائمة، رغم تطمينات التقارير الرسمية
في السياق ذاته، اعتبر البلاغ، أن مظاهر الهشاشة ما تزال قائمة، رغم تطمينات التقارير الرسمية وخطابات المسؤولين الحكومية، وتتجلى هذه المظاهر في ضعف الخدمات الصحية، وتدهور البنيات التعليمية، وارتفاع كلفة المعيشة، وتراجع القدرة الشرائية للطبقة المتوسطة، ما يعمّق الإحساس باللاعدالة ويهدد التماسك الاجتماعي، ويؤكد على محورية فكرة أنه لا يمكن التعامل مع الفقر كمعطى تقني أو ظرفي، بل كمسألة بنيوية تتطلب إرادة سياسية واضحة، ومقاربة حقوقية شاملة تجعل من الإنصاف والعدالة الاجتماعية أساسًا لأي تدخل عمومي.
صرورة الانتصار للمقاربة الحقوقية في مواجهة الفقر
إلى ذلك، دعت العصبة، للانتصار لأهمية المقاربة الحقوقية في فهم الفقر، كما أن “توضيح عذا المبدأ يستوجب التأكيد على ضرورة اعتماد مقاربة استباقية تعالج جذور الفقر قبل ظهور نتائجه، وذلك من خلال الاستثمار في الطفولة المبكرة، وضمان فرص متكافئة منذ السنوات الأولى للحياة ومحاربة الهدر المدرسي، وتطوير الخدمات الاجتماعية في مرحلة ما قبل المدرسة، وإحداث آلية وطنية منتظمة لرصد الفقر متعدد الأبعاد، بشراكة بين الدولة والمؤسسات المستقلة والمجتمع المدني، تعتمد على بيانات ميدانية دقيقة، وتسمح بتتبع أثر البرامج الاجتماعية وقياس فعاليتها الحقيقية على حياة الناس، الشيء يمكن من تصحيح السياسات العمومية في الوقت المناسب، وتفادي هدر الموارد والقطع مع معاودة إنتاج الفقر”.
المصدر ذاته، طالب الحكومة لتبني مقاربة حقوقية شاملة في السياسات الاجتماعية، وإعادة توجيه الميزانية العمومية نحو التعليم والصحة والسكن والتشغيل، إلى جانب محاربة الفساد المالي والإداري وإصلاح النظام الجبائي لضمان العدالة الضريبية، واعتماد سياسة مندمجة للعالم القروي تقوم على تمكين الجماعات الترابية واللامركزية المالية.
إصلاح النظام الجبائي الوطني بما يحقق العدالة الضريبية
كما دعا في السياق ذاته، إلى إصلاح النظام الجبائي الوطني بما يحقق العدالة الضريبية، من خلال تخفيف العبء عن الفئات الفقيرة والمتوسطة، ومحاسبة المتهربين والمستفيدين من الريع الضريبي.
وكذاوضع سياسة عمومية مندمجة للعالم القروي، تنطلق من حاجيات السكان المحليين، وتستند إلى اللامركزية المالية والتمكين الحقيقي للجماعات الترابية.
مرتبط