
تستعد حركة GenZ212 لتنظيم تظاهرات سلمية جديدة في عدد من المدن المغربية خلال عطلة نهاية الأسبوع المقبل، في خطوة تعكس تصاعد التجاوب مع المطالب الشعبية بضرورة إحداث “إصلاحات سياسية واقتصادية عميقة” ، واستمرار الضغط من أجل تحقيق وعود طال انتظارها.
تأتي هذه التحركات في سياق اجتماعي واقتصادي متوتر، تتزايد فيه مؤشرات التململ الشعبي وسط ارتفاع تكاليف المعيشة وتراجع الثقة في النخب السياسية الحاكمة.
جيل يطالب بالإصلاح لا بالتسكين
أوضحت الحركة في بلاغها الأخير، أن بعض المبادرات الحكومية الأخيرة، مثل “تسريع وتيرة بناء وافتتاح المستشفيات الجديدة، ورفع ميزانيتي الصحة والتعليم،” واعتماد إجراءات لمحاربة الفساد داخل الحياة السياسية، تعتبر مؤشرات إيجابية على بداية استجابة الدولة لبعض المطالب.. لكنها – حسب الحركة – “تبقى خطوات محتشمة وغير كافية” في ظل غياب “آليات مؤسساتية فعالة لمحاربة الفساد وتضارب المصالح وربط المسؤولية بالمحاسبة.
و يرى متتبعون أن ما تطرحه GENZ212 يعكس وعياً سياسياً متزايداً لدى فئة الشباب المغربي، التي لم تعد تكتفي بالخطابات الرسمية أو الإصلاحات الجزئية، بل أصبحت تبحث عن “تحول حقيقي في طريقة تدبير الشأن العام” ، وضمان مشاركة فعلية في صياغة السياسات العمومية.
أولوية إطلاق سراح كافة المعتقلين على خلفية الاحتجاج أو الرأي
من بين النقاط التي شددت عليها الحركة في بلاغها، الدعوة إلى “إطلاق سراح كافة المعتقلين” المرتبطين بالاحتجاجات أو بقضايا الرأي، معتبرة أن “أي إصلاح لن يكون ذا معنى ما لم يترافق مع طي هذا الملف بشكل نهائي”.
وتؤكد مصادر داخل الحركة أن معاناة عائلات المعتقلين لا تزال جرحاً مفتوحاً في الذاكرة الاجتماعية، وأن استمرار هذا الملف دون حل عادل وشامل” يفرغ أي إصلاح من قيمته الأخلاقية والسياسية.
حركة رقمية بروح الشارع
تُعد حركة” GENZ212″ من أبرز المبادرات الشبابية التي برزت في الأشهر الأخيرة على منصات التواصل الاجتماعي، مستثمرةً الفضاء الرقمي كأداة للتنظيم والتعبئة والمساءلة، وللخروج للشارع.
و ما يميز هذه الحركة أنها لا تتبنى أيديولوجيا محددة ولا تنتمي لأي حزب، بل تنطلق من “وعي جماعي عابر للانتماءات التقليدية” ، يجمعه الإيمان بضرورة إصلاح شامل للمنظومة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
ويرى باحثون في الحركات الاجتماعية أن GENZ212 تمثل جيلاً جديداً من النضال السلمي، يزاوج بين “العمل الميداني و الرقمي” ، ويعتمد على لغة بسيطة ومباشرة تلامس الواقع اليومي للمواطن المغربي.
سؤال المستقبل: هل تستمع الحكومة؟
في ظل تصاعد الأصوات الشبابية المطالبة بالتغيير، يطرح مراقبون تساؤلاً محورياً حول “مدى استعداد الحكومة للاستماع الجاد لهذه المطالب”، خصوصاً أن مؤشرات الاحتقان الاجتماعي تتزايد رغم محاولات التهدئة عبر البرامج الاجتماعية والوعود التنموية..
فإذا كانت الإجراءات الأخيرة قد خففت جزئياً من حدة الانتقادات، فإن غياب رؤية شاملة لمحاربة الفساد وتوزيع الثروة بعدالة قد يعيد المشهد إلى مربع الغضب الشعبي.
وبين خطاب رسمي يَعِد بالإصلاح، وشباب يطالب بالكرامة والمحاسبة، تبدو تظاهرات GENZ212 المقبلة “اختباراً حقيقياً لمدى نضج الحوار بين الدولة وجيلٍ لم يعد يقبل بالسكوت”، جيلٍ لا يثور فقط ضد الفقر والبطالة، بل ضد “الجمود السياسي والعجز المؤسساتي” عن تحقيق ما يسميه شباب الحركة بـ“العدالة الفعلية لا الشعاراتية”.
هل ستلتقط الدولة هذه الرسالة قبل أن تتحول المطالب إلى مزيد من الاحتقان وتراكم الغضب؟
الجواب سيتضح في شوارع نهاية الأسبوع، حيث “يتقاطع الأمل مع الغضب في نداء جيلٍ يصرّ على أن الإصلاح لا يُمنح، بل يُنتزع”.