الرئسيةمجتمع

8 ناشرين يتحكّمون في المقررات…حين تتحوّل ريادة التعليم لاحتكار مقنّن

ثمانية ناشرين فقط… احتكار بصيغة رسميةبقلم بثينة المكودي

بقلم: بثينة المكودي

أعاد الحسن المعتصم، رئيس رابطة الكتبيين بالمغرب، الجدل حول مشروع “كتب الريادة” إلى الواجهة بعد كشفه تفاصيل اعتبرها جوهر الاختلالات التي عرفها هذا الموسم الدراسي، خاصة ما يتعلق بالاحتكار والتوزيع غير المتوازن بين جهات المملكة.

وأكد المعتصم أن وزارة التربية الوطنية منحت امتياز نشر مقررات “الريادة” لثمانية ناشرين فقط، هم مطبعة المعاريف، سوماكرام، دار الرشاد الحديثة، سوشبريس، مطابع لوماتان، LFL، المدارس، ودار الثقافة. حصرٌ اعتبره “تكثيفًا غير صحي” للسلطة الثقافية والاقتصادية في يد فاعلين محدودين، في حين كان يُفترض أن يشكل المشروع فرصة لتوسيع دائرة المشاركة والارتقاء بجودة المنتوج.

قدرة محدودة للطبع… وثلاث مطابع تتحكم في سوق بأكمله

وأشار رئيس الرابطة إلى أن الجزء الأكبر من عملية الطبع أُسند بدوره إلى ثلاث مطابع رئيسية فقط، ما تسبب في بطء واضح على مستوى تنفيذ الطلبيات، وخلق اختناقًا في سلسلة الإنتاج، الأمر الذي انعكس بشكل مباشر على المواعيد الزمنية لوصول الكتب إلى المؤسسات التعليمية.

توزيع غير متوازن… ومناطق ظلت تنتظر

وأضاف المعتصم أن عملية التوزيع عرفت ارتباكًا كبيرًا، إذ توصلت بعض الجهات بحصصها كاملة منذ البداية، بينما ظلت مناطق أخرى في حالة انتظار طويل، ما دفع مؤسسات تعليمية إلى الاعتماد على نسخ مؤقتة وجداريات رقمية لتدبير الدروس ريثما تصل المقررات الأصلية. معتبرا أن ما حدث لم يكن مجرد تأخير تقني، بل نتيجة غياب تصور وطني موحّد يضمن عدالة التوزيع.

تحليل: الكتاب المدرسي ليس سلعة… والمصلحة الخاصة لا يجب أن تنتصر على التلميذ

حين يتحول الكتاب إلى معادلة ربحية

رغم أن الأسعار المحددة لمقررات “الريادة” بين 3,95 دراهم كحد أدنى و10 دراهم كحد أقصى  وُضعت أساسًا لحماية الأسر الفقيرة وضمان وصول الكتاب إلى كل طفل في المدرسة العمومية، فإن موقف بعض المكتبات هذا الموسم كشف مفارقة مؤلمة. فقد امتنعت مكتبات عدة عن اقتناء الكتب بسبب ضعف هامش الربح، مفضّلة منطق التجارة على منطق المسؤولية.

المكتبات التي اختارت الربح… وتركت التلميذ

والحقيقة أن الكتاب المدرسي ليس سلعة خاضعة لقواعد العرض والطلب، بل حق تربوي ومجتمعي لا يُناقش ولا يُساوَم. حين تختار مكتبات الامتناع عن توزيع الكتاب لأنه “لا يربح”، فهي تُسقط عن نفسها دورًا تاريخيًا، وتضع التلميذ في آخر الصف، وتترك الأسر تواجه الارتباك وحدها.

فكيف تغلب المصلحة الخاصة على المصلحة العامة؟

يحدث ذلك حين يتحول الكتاب من حق للتلميذ إلى معادلة ربحية باردة، وحين يصبح الوصول إلى المعرفة رهينًا بقرار تجاري بدل أن يكون التزامًا تجاه الطفل والمدرسة العمومية. يحدث حين تقف بعض المكتبات في صفّ دفتر الحسابات بدل الوقوف في صف التلميذ الذي ينتظر كتابه ليبدأ عامه. وما دامت هذه العقلية قائمة، سيبقى الإصلاح شعارًا جميلًا… لكن بيدين فارغتين، فعن اي ريادة نتحدث.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى