الرئسيةسياسة

تناقض حكومي صارخ: حديث عن تمكين النساء…وأرقام تكشف العكس

° بقلم: بثينة المكودي

أظهر التقرير المرافق لمشروع قانون المالية، الذي قدمته وزيرة الاقتصاد والمالية نادية فتاح العلوي، مفارقة صارخة بين الخطاب الرسمي للحكومة بخصوص مقاربة النوع وتمكين النساء، وبين حصيلة السياسات العمومية على الأرض. فحسب المعطيات الواردة في التقرير، ما تروّج له الحكومة حول تعزيز موقع النساء في الاقتصاد والمجتمع لا يزال بعيداً عن الواقع، رغم مرور أربع سنوات من عمر ولايتها.

وعود كثيرة… ونتائج شبه غائبة

يكشف التقرير أن الالتزامات الحكومية المتعلقة بتحسين وضعية النساء، خاصة في سوق الشغل، لم تعرف أي قفزة نوعية. فرغم حديث الحكومة المتكرر عن إدماج النساء في التنمية ورفع معدل مشاركتهن الاقتصادية، تظل المؤشرات شبه جامدة، بل إن بعض البرامج مازالت “في نقطة الصفر”. وتشير الوثيقة إلى أن الخطاب الرسمي بالغ في تقديم وعود حول دعم النساء، دون أن يترافق ذلك مع إجراءات عملية واضحة أو نتائج اجتماعية قابلة للقياس.

اقتصاد الرعاية… مشروع على الورق فقط

من أبرز ما سلط التقرير الضوء عليه، البرنامج الحكومي المسمى “اقتصاد الرعاية”، الذي قُدّم كأحد أعمدة تمكين النساء وتسهيل ولوجهن لسوق الشغل. لكن الواقع، وفق التقرير، يكشف أن البرنامج مازال في بداياته الأولى جداً، ويفتقر لإطار قانوني يؤطره، ويعاني غياب التمويل المستدام، فضلاً عن عدم توفر بنية مؤسساتية مؤهلة لتنفيذه. وهو ما يجعل هذا الورش، إلى حدود اليوم، أقرب لفكرة غير مكتملة منه إلى سياسة عمومية يمكن التعويل عليها لخلق فرص شغل للنساء أو تحسين ظروف عملهن.

تشغيل النساء… شعارات أكثر منه سياسة عمومية

يلاحظ التقرير أن الرهانات الحكومية المتعلقة بزيادة معدل تشغيل النساء ظلت حبيسة خطاب سياسي فضفاض، دون أن ترافقه آليات تنفيذ واضحة، أو موارد مالية كافية، أو رؤية منسجمة. فالنتائج على الأرض تُظهر غياب أثر حقيقي للبرامج المعلن عنها، واستمرار المؤشرات في مستوياتها المقلقة، ما يجعل الالتزامات أقرب للشعارات منها لسياسات قادرة على خلق أثر اجتماعي ملموس.

خطاب يسبق الفعل… وسياسات لم تتحرك

تُبرز الوثيقة تناقضاً واضحاً في أداء الحكومة: ففي الوقت الذي تصرّ فيه على تقديم نفسها كمدافعة عن تمكين النساء، تكشف الأرقام أن الوعود لم تتجاوز حدود التصريحات. أربع سنوات من الولاية لم تكن كافية لانتقال البرامج من الورق إلى التنفيذ، ولا لتحويل اقتصاد الرعاية إلى ورش فعلي، ولا لتحقيق أي تقدّم ملموس في تشغيل النساء.

هذا التناقض بين خطاب حكومي يدّعي الإرادة وحصيلة واقعية تكشف غياب الفعل يطرح سؤالاً جوهرياً: كيف يمكن الحديث عن “أولوية تمكين النساء” بينما كل المؤشرات تُظهر أن الملف مازال خارج دائرة السياسات العمومية الفعّالة؟

باختصار: الخطاب تقدّم… لكن السياسات لم تتحرك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى