الدفعة 107: وقراءة في بلاغ وزارة العدل بمناسبة العفو الملكي
عودة إلى قراءة بلاغ وزارة العدل بمناسبة العفو الملكي على مجموعة من الاشخاص المتواجدين في سجون المملكة 755 شخص، ومن ضمنهم 107 معتقل على خلفية تظاهرات الحسيمة وجرادة.
في قراءة شاملة للبلاغ يمكن تسجيل ملاحظات عدة:
-
1: تحويل عقوبة الإعدام إلى السجن المؤبد أو المحدد لشخصين، وهي مبادرة ايجابية تسير في اتجاه ملاءمة القوانين الجنائية المغربية مع مضمون المادة 20 من الدستور، والتي تنص على الحق في الحياة، وأيضا تحضيرا لدفع المغرب للمصادقة على البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. 2-
-
2: استهداف العفو عن 11 شخصا، كان محكوما عليهم بقانون الإرهاب، وتوزع العفو ما بين العفو على ما تبقى من العقوبة ل 8 أشخاص، وتحويل السجن المؤبد إلى المحدد لشخص واحد، وتخفيض العقوبة لشخصين، “بعدما راجعوا مواقفهم وتوجهاتهم الفكرية، وأعلنوا بشكل رسمي نبذهم لكل أنواع التطرف والإرهاب وتشبثهم المتين بثوابت ومقدسات الأمة ومؤسساتها الوطنية”. حسب نص البلاغ على اثر مشاركتهم في الدورة الثالثة من برنامج “مصالحة”.. هذا البرنامج الذي سبق وان أعلنت عنه المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج في المغرب في شتتنبر 2017، ويهم نزلاء المؤسسات السجنية المدانين في إطار قضايا الإرهاب، بشراكة مع الرابطة المحمدية للعلماء والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، هذا الأخير، أي المجلس، تراجع دوره وحضوره منذ الدورة الأولى لأسباب “معينة”، وأصبح محصورا فقط بين المندوبية والرابطة، كما أنه عرف تشكيكا من قبل “اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين”، لكونها لم تتم استشارتها ولا إشراكها في هذا البرنامج.
جرادة أسباب الاعتقال لازالت قائمة ومنها غياب ضمانات المحاكمات العادلة عدم تمتع الساكنة على غرار باقي مناطق المغرب بالحق في التظاهر السلمي
إذا كانت اهداف البرنامح نبيلة، من خلال محو آثار الانتهاكات التي عرفتها عمليات الاعتقالات منذ أحداث ماي 2003، إلا أنها تتطلب تقييما عاما وشاملا بخصوص المفرج عنهم: اندماجهم داخل المجتمع؟ القطع النهائي مع دولة الخلافة في الشام والعراق؟ عدم وجود اشخاص سافروا بعد الإفراج عنهم للقتال في سوريا؟ ضمانات عدم تكرار ما جرى؟ … وغيرها من الأسئلة التي يصعب الجواب عنها، نظرا لشح المعلومات بخصوص آليات ومواضيع المراجعات الفكرية، ولوائح المفرج عنهم…
3 : تطرق البلاغ أيضا إلى معتقلي جرادة، الذين تم العفو عنهم جميعا، 47 معتقل، وهناك من اعتبر أن الملف تم طيه نهائيا ، في حين أن أسباب الاعتقال لازالت قائمة، ومنها غياب ضمانات المحاكمات العادلة، عدم تمتع الساكنة على غرار باقي مناطق المغرب بالحق في التظاهر السلمي، وأخيرا الهشاشة الاجتماعية واستمرار ضعف التنمية المحلية بالمنطقة، مما يعني أن الشروط الموضوعية للاحتجاجات متوفرة، بل نكاد نقول إن حدتها ازدادت بعد ظلم الاعتقال، وفقدان الثقة في مؤسسات الدولة.
وأخيرا، استهدف العفو حسب نص بلاغ وزارة للعدل، الإفراج عن 60 معتقل على اثر تظاهرات الحسيمة، في هذا الصدد، وتجاوزا لأسماء الأشخاص المفرج عنهم، لكون منهم من بقيت مدة “عقوبته” يوم ، يومين، أسبوع أوشهر… ولكن تبقى عملية العفو في جميع الحالات مبادرة إنسانية، ولكن هل يمكن اعتبارها عملية “سياسية” تهدف إلى حل جذري للملف وبناء وتعزيز المصالحة مع ساكنة الحسيمة؟ الجواب على هذا السؤال، يجد مصوغه في نص البلاغ الذي أشار صراحة الى “أن العفو شمل مجموعة من المعتقلين الذين لم يرتكبوا جرائم أو أفعال جسيمة”… ليعاد تركيب السؤال من جديد: هل هناك جرائم وأفعال اكثر جسامة من الجرائم والأفعال المرتبطة بالإرهاب، والذين تم العفو عن 11 حسب نص البلاغ.
هل هناك أفعال وجرائم أكثر خطورة مما ارتكبه أصحاب جرائم الحق العام، إذ استفاد من العفو حسب البلاغ 637 شخص (755-107-11=637)؟، لماذا لم يتم استهداف أي شخص من معتقلي الحسيمة الأخرين بتخفيض العقوبات طويلة الأمد؟.
استمرار قناعة الدولة أن ما ارتكبه متظاهرو الحسيمة يدخل في الجرائم والافعال الجسيمة
كل هذه الاعتبارات تؤكد ان الدولة * ليست لها مقاربة سياسية او حقوقية في التعامل في اثار احداث الحيسمة. * استمرار قناعة الدولة أن ما ارتكبه متظاهرو الحسيمة يدخل في الجرائم والافعال الجسيمة. * وجود قناة واحدة تعد تقاريرها للجهات العليا، وتسمي الأشياء بما تشاء وتوصفها كما تشاء. *
الإشارة بشكل صريح على عدم اقتران المفرج عنهم من معتقلي الحسيمة بالأفعال والجرائم الجسيمة، دليل على تخبط الدولة واعتماد سياسة الكيل بالمكياليين (هادو واخا ارتاكبوا جرائم ومنها جرائم الدم، يمكن أن يشملهم العفو ولو بتخفيض العقوبات، وأنتم أهل الحسيمة لن تتمتعوا إلا بحل ترقعي). * وأخيرا، اعتماد الدولة لمقاربة ” منح” الحقوق goutte à goutte…).