على هامش تشريد عمال النظافة بفاس..هل أصبحت المطالبة بالحقوق جريمة؟
يعرف المغرب تراجعات كبيرة على مستوى الحريات، فبعد عودة الاعتقال السياسي وقمع الاحتجاجات السلمية، نحن اليوم أمام الطرد التعسفي بسبب الانتماء النقابي، ولا نعرف اتجاه هذا النكوص وسرعته في المستقبل القريب.
مدينة فاس هي إحدى المدن المغربية التي تعرف حصارا مخزنيا مباشرا عن طريق القمع المباشر، وحصار السلطة المحلية للفعل الذي يهدف إلى تخليق الحياة السياسية والاجتماعية، وبناء مدينة تخضع للقيم المتعارف عليها كونيا، وحصارا غير مباشر من خلال العمل الحزبي الممخزن الذي يهدف إلى ترسيخ أزمة الثقة لدى المواطنات والمواطنين في العمل المؤسس، ومن خلال تفريخ جمعيات متعددة تقوم على أساس خيري ومقاربة إحسانية لزرع الاتكالية ومحاولة التخفيف من الانفجار الاجتماعي، بدل أداء دورها الحقيقي المتجلي في توعية وتأطير وزرع الفكر المواطناتي.
في ظل هذا الوضع، ومع هاته التراجعات التي تظهر للمواطن بشكل جلي فإن أي فعل حقيقي يهدف إلى النهوض بالمدينة يقابل بهجوم شرس. ففي الشهرين الأخيرين وبعد أن اختار عمال النظافة بفاس الانتماء إلى نقابة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، والمطالبة بأبسط حقوقهم كمنحة العيد، التطبيب، وسائل الوقاية ورفع من الأجور، كانت الإجابة من طرف الشركة المفوض لها تدبير قطاع النظافة بفاس أوزون طرد أغلب أعضاء المكتب المحلي لقطاع النظافة المنضوي تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، مما يدل أن الربح أهم من الإنسان، وأن رب العمل أهم من العمال، وأن آخر ما تفكر فيه الدولة المغربية هو المواطن. فهل أصبح الانتماء إلى نقابة مناضلة مرعبا إلى هذا الحد؟ هل أصبح اليسار مزعجا، يجب محاصرته بكل الطرق؟ هل يظنون أنهم بالطرد والاعتقال سيوقفون المواطن عن الاحتجاج بطرق مختلفة؟
هي أسئلة حارقة تحاصرنا كمواطنين قبل أن نكون مناضلين. ورغم طرد عمال النظافة بفاس استمر الفعل الاحتجاجي بشكل أقوى، فبعد المسيرة الوطنية الناجحة التي كانت بمدينة فاس يوم 20 يوليوز 2019، انطلق عمال النظافة المطرودين في اعتصام مفتوح بجماعة فاس يوم 5 غشت، ولازالوا مستمرين إلى اليوم. كل هذا والعمدة الأزمي في سبات عميق، بآذانه الصماء، إذ تعامل كالعادة مع مطالبهم بالتجاهل، وهي الطريقة نفسها التي انتهجها حول مشكل الحواجز داخل الحافلات العمومية وتحسين جودة الأسطول، كما تعامل مع مشكل المستشفيات بالمدينة بالطريقة نفسها أيضا.
لذلك نود أن نرسل رسالة واضحة لكل المسؤولين بمدينة فاس. فرغم كل التشويش والحصار والقمع والطرد الذي تجابهون به كل النقابات المناضلة كالكونفدرابية الديمقراطية للشغل، والأحزاب المناضلة كالأحزاب المنضوية تحت يافظة فيدرالية اليسار الديمقراطي، ومحاولة إسكات كل الأصوات اليسارية، فإنكم فقط تؤخرون وقت الحساب الحقيقي وترفعون عزيمتنا وإرادتنا، نحن اخترنا طريق الانحياز إلى الشعب، وسنستمر في ذلك، عمال النظافة أعلنوها حربا على شركة أوزون وكل من يدعمها، ولن ييأسوا ولن يستسلموا، ولهم من أساليب المقاومة ما تعجزون عن تصوره، ستقفون ضدنا ستنتصرون في معارك هامشية علينا، لكن سيصرخ الشعب وسيننتزع كل حقوقه، وسيحرر كل المعتقلين السياسيين، ويكون حرا في انتمائه بلا مضايقات ولا طرد.