صنو فنان عاشق لويجي بيير أنديليلو… ومسرحية سحت الليل (فيديو)
يعشق المسرح، و هو دائما ما يكتب مسرحياته متوسلا التضمين المسرحي أي ما يعرف بالتضمين المسرحي. ولعل هذه هي العلامة المميزةلأعمال الفنان الشاب عمر جدلي.
فكما هو الحال في مسرحية”مشرط لحناك”،” رياض الزاهية”،طريق السلامة (الموجهة للأطفال ) و” شغل لعيالات”
تم”أش داني”و اخرها جميعها رائعة ” دار الباشا” منجزات مسرحية كتبها عمر جدلي و أخرجها مع فرقة أرلكان بمراكش
المشهود لها محليا و وطنيا بالجدية وسعة الافق الابداعي، إلى ” أش داني” تم”سحت الليل” التي قدمها مع فرقة غرناطة بالبيضاء، نقف على نهوض كل عرض على ما تتيحه لعبة المسرح داخل المسرح من متعة في ما ينجزه هذا المبدع الواعد من أعمال.
دائما ما تحقق الامتاع لجمهور متنوع يعشق المسرح ويقصد قاعات العرض من أجل أبي الفنون ، سيما و أنه يمتح من معين
تراثي غني ( هو ابن فنان له باع في الثقافة المغربية الاصيلة)بمتونه المختارة على مهل و مشوق بمحكياته التي تتجاوب
مع وجدان المتفرج و تخلق له فضلا عن متعة المسرح لذة استعادة موروث ذاكرة جمعية ضاربة في المناخ الثقافي الذي
تبلورت في سياقاته “تمغربية ” كل مغربي.
1)– عرض سحت الليل
فرجة مسرحية ماتعة لفرقة غرناطة من الدار البيضاء.كتبها و أخرجها للمسرح الفنان عمر جدلي. شخص أدوارها
عبد اللطيف خمولي الذي يمكن التأريخ لتألقه المسرحي بتجربته ضمن فرقة مسرح اليوم التي قادتها الفنانة القديرة ثرية جبرا
وأخرج كل أعمالها الفنان عبد الواحد عوزري وإلى جانبه الفنان المتألق عبد الرحيم المنياري أحد خريجي مدرسة الفنان
الكبير الاستاذ محمد سعيد عفيفي.والفنانة هند بنجبارة خريجة المعهد العالي لفن المسرحي و التنشيط الثقافي مع حضور
مميز لعازفة الكمان سلمى بنجبارة.
2)– عنوان العرض
سحت الليل وهو اسم متداول بين العموم ، له دلالة متجذرة في المخيال الشعبي المغربي ،تطلق علة طائر الوطواط الذي يعد من الثدييات و يصنف ضمن الطيور المهاجرة مع التأكيد على أنه من أخبث الطيور أولا ، من حيث أنه الطائر الذي لا يشيد
لنفسه عشا ،و لا نه بارع في استغلال غيره من الطيور لحضن بيضه ( يضع بيضه في عش غيره بعد تحين فرصة اتلاف
بيض هذا الغير ) كما أن له قدرة على ضبط ميقات ظهور فراخه (19 يوما) بهذا يحافظ على نوعه من دون تعب أو مشقة
إسوة ببقية الطير.
و هي الصفة التي يشار بها للزوج الذي امن جملة أسمائه، الخفاش أومصاص الدماء. في الثقافة الغربية يعرف بالاسم
و الذي صار كنية يجري اعمالها دلاليا للإشارة لمن تخونه زوجه من الرجال. مقابل ذلك لطائر الوطواطCuckold-
نصيب في الثقافة العربية.ذلك أن رؤية المرأة له في الحلم، يفسر على أنه ستحمل و ستلد…إضافة لدلالات مغايرة تتنوع
و تختلف بين الشابة و الناضجة كما بينهما و بين الرجل. يبقى أن نتساءل كيف تحضر هذه الدلالات أو لا تحضر في استلهام
شخصية سحت الليل و الارتقاء بها من مستوى طائر الشأم إلى الفاعل في الحدث الدرامي؟ موضوع هذ العرض المسرحي
لفرقة غرناطة.
3)- رسالة العرض/موضوعة العرض
ينهض العرض في مسرحية سحت الليل على قاعدة التناقض بين الحرب و السلم في مطلق المكان و الزمان اللذين يحيا
في نطاقهما الانسان. الشيء الذي يتعين معه القول بأن مسرحية سحت الليل دراما مسرحية سياسية بخلفية اجتماعية. لذا فهي
تقوم على أساس مادي تمتله قوى و تتصارع من أجله باعتباره مصالح مادية ( مال،ثروة ،ميراث…) لها تجليها و مظهرها
السياسي ( السلطة، النفوذ..الجاه) و تضارب المصالح، بما هو صراع طبقي /اجتماعي
ولئن شئنا بعض التفصيل يمكن التدليل على هذه القوىأو أطراف الصراع في الدراما الاجتماعية- السياسية سحت الليل
بما يلي:
1-المظهر الاجتماعي
*الاب المخلوفي مثال حي للطمع والجشع الذي أفضى بصاحبه إلى الدوس على القيم الطبيعية و الاولية التي تشيد على أساسها
الاسرة( البنوة ) و ( العمومة) اللذان ضحى بهما بالزج بابنه العربي في حرب لا قضية له فيها و لا علم لديه لا بأسبابها و لا
بالدافع إليها، و بحجزه ابنة أخيه فاطمة لأجل غير مسمى في سرداب مظلم معزولة عن الحياة الغادية محرومة لا من حق
حريتها المكتسب انسانيا لكن من حقها الفردي في التصرف بذاتها و بإرادتها دون إكراه أو قيود مادية أو معنوية.
ب- المختار، و هو سحت الليل الذي ظهر بعد ستة عشرة (16) سنة على غياب الزوج العربي.
ت- الكلب، هذا الكائن الحيواني المشهود له بالإخلاص في الوفاء على مر الزمن دون أن يستطيع تغير القيم ولا انتفاء الانساني
منها سوقه نحو التوحش أو سواه.
2-المعادل السياسي
يجوز على سبيل الاقتصاد تكثيف المعادل السياسي للمظهر الاجتماعي للعرض المسرحي المشار إليه بالتقابلات التالية:
*تجار الحرب،موقعهم وسطي بين من يقود إليها و بين ضحيتها و هذا ما يمثله المختار، الذي لا صله له بالحرب إلا
صلة جني مغانمها و تحصيل مكا سبها (المادية و المالية ) لما لهذه المكاسب من وجاهة و من قدرة على السيطرة و التحكم.
*ضحايا الحرب، من جهة أولى المجند (العربي ) الذي لا قضية له في حرب اتت على استقراره ة استمرار نسله في الحياة
و من ثانية فاطمة التي لم تملك لا قرار زواجها و لا قرار ارسال عريسها للحرب فأحرى أن تستطيع امتلاك ميراثها المستحق
بحكم الاعراف (المتوافق عليها) و القانون (المتواضع عليه ) و إلى جانبهما هناك ضحية سوسيو-ثقافية و هي قيمة الإخلاص
و الوفاء المجسدة في الكلب الذي رافق فاطمة و عاش معها محنة العزلة عن مجتمعها وعذاباتها النفسية كامرة لم يعد لها
بالحياة الطبيعية اي رابط أو و شائج جراء حجز تحكمي و ممنهج. الكمان و التي ظلت تردد معزوفة الامل –
L’hymne de la joieضدا على معزوفة الحرب المثيرة للفزع و الجزع و العرعب.
4) – شخصيات مسرحية سحت الليل
1- الاب المخلوفي، جشع و أناني لدرجة بالحقوق المشروعة
2-الابن العربي الإنسان الغر العديم التجربة و الذي يكتسب وعيا متأخرا بتاريخه بعد معاناة مريرة
3-الزوجة فاطمة المرأة ذات العزة التي انهار صمودها أمام تقاطع جشع العم و استبداد الزوج رغما عنه.
4-المختار ، افاق يستبطن طاقة هائلة من حب السيطرة و لو كان ثمنها إزهاق أرواح و إراقة دماء
5- الكلب، الايقونة حمالة ما نذر من قيم في علاقات البشر
6- الكمان اللحن المعادل للحياة و القلب النابض بمعزوفة الامل.
تعتبر الشخصيات المسرحية عماد العرض و مبعث المتعة الفنية التي تحققها الفرجة عبر أداء الممثلين فوق الركح.
و الشخصيات المسرحية هي أول العناصر التي تغري الممثل بالمشاركة أو بعدمها في تجربة مسرحية، لذا فهي بهذا القدر أو
أكثر تغري الاخراج و تحرض خيال المخرج لدرجة أنه قد يحدث شخصية ما لم يخلقها الكاتب/ المؤلف انطلاقا من قدرته
على التخيل بجعل الواقعي ممكنا أو بتحويل الممكن إلى واقع و هذا ما نتلمس حصوله مع شخصيتيالكلب و الكمان في
عرض سحت الليل. تتدرج علاقات الشخصيات و فقا لتناغم متسلسل هرميا ارتباطا بالبنية العامة للنص الاصلي، حيث
تعرب الفرجة المشهدية عن تداخل بني و تفاعلها و فقا لسياق درامي تصاعدي تجلياته هي:
- بنية تضاد أو تباين الرغبات، محورها الاب المخلوفي و ابنة أخيه فاطمة . بحيث تشكل هذه البنية لبنة العرض
الاولية و المكون الخام لما سيلي من صراع .
- بنية الصراع ، صراع مضمر يتحدد في سعي الابن للعودة إلى حضن اسرته دون جدوى و أخر ظاهر تنهض به فاطمة
نهوض المارد من تحث انقاضه، لتطالب بحقها في التحرر من حجز قرره في حقها عم متسلط جشع و مطالبتها بحقها
في الحب بالاحتجاج على وضع ليس لها فيه سوى الحبس و عبث الانتظار بلا امل.
- تحلل البنية،أو بالأحرى تفسخها بمجرد ما ظهر العربي كسيحا يسعى فوق كرسيه المتحرك، لكن بإصرار لا يلين في
استرجاع فاطمة التي اتمر انطلاء حيلة المختار عليها و ليدا تكره اباه و تتوق لزوجها الاصل الذي صيرته الظروف الجديدة
التي سادت فيها ثقافة المختار و سلطته.
5) مرجعية مسرحية سحت الليل
نقصد بالمرجعية في هذا الباب الخلفية التاريخية و الاجتماعية التي فضلا عن الخيال المبدع ساهمت بدورها في إبداع
هذا النص قبل ان يجوله عمر جدلي إلى عرض حي فوق الخشبة، و يشاهد في أول لقاء له بالجمهور بقاعة اريا السقاط.
فلمرجعية النص دور هام و محوري في تأصيله ، بحيث تجعله نصا منتميا لتاريخه ،كما أنها تنسبه لعصره و تحديدا
لمرحلة ما بكافة ابعادها الاجتماعية و السياسية و الثقافية ..و أغذا بمعطيات العشريتين الجريتين إلى اليوم،يمكن القول
أن الكاتب/ مؤلف سحت الليل ينتمي لزمنه و يحمل همومه بحيث انه يكتب في ضوء ما يعتمل في محيطيه القريب
والبعيد و الذي يشكل الردة على القيم علامة بارزة في سمائه الغير الصافية جراء صراع غير متكافئ تعاني ويلاته
الفئات و الطبقات المضطهدة من طرف سلط متجبرة و استبدادية، تقرر و تنفذ، مثلما تشرع و تشيد وفق رؤيتها واحدة
و وحيدة، لا مجال ضمنها للتعدد و لا للاختلاف لا في النظر فكيف بذلك في الرأي؟
فرغم الآمال التي دشنها الربيع العربي بنزعه عباءة الخوف التاريخي الذي استوطن نفس ومواقف الجماهير
العريضة ،صار الشارعالعام المنبر الحر الذي يلجأ إليه الرأي الشعبي للتعبير عن طموحاته و أماله في التغيير .فرغم
هذا كله لازالت لغة الحرب و القوة هي السائدة لافي تدبير الصراع فحسب و إنما لفرض القوي للواقع الذي يساير
مصالحه و يخدم تنميتها و الحفاظ عليهاعلى امتداد الخريطة العربية. فمن ليبيا إلى العراق كما باليمن دون أن ننسى
القضية الفلسطينية، يصول تجار الحرب، طيور سحت الليل، الوطاويط مصاصي الدماء، تاركين في أعقاب كل صفقة
خراب أرض و دمار وطن و تهجير مواطنين ، بل طال العسف الثقافة و الفكر و المعمار حتى لا تبقى للتاريخ ذاكرة
شاهدة على وحشيـة و بربرية سحوت الليل و تعرضهم بالتالي لإدانة الاجيال المتعاقبة.
هذا فقط مجرد بعض من كل يطبع مرحلة و يسم وضعا لا بد لكل مبدع يعيش تاريخه أن يتفاعل معها، لدرجة
أن تلقي بظلالها على خياله بقدر ما تتأثر بها أفكاره و قناعاته.فنص حي ينتج ابداعا حيا. كما أن الابداع خارج روح
العصر و في منأى عن حساسياته الثقافية و الفنية لن يلبث أن يكون ابتدالا و معاشة لمألوف لا يؤشر على جديد أو
يستشرف متغيرا ذي قيمة و امتداد في حياة الناس على العموم . في السياق إياه و ضمن أطره الاجتماعية و السياسية
يتكون و يزهر القارء و المتفرج الذي يتوافد على العروض و المبادرات الابداعية الحادة و المتجددة.
6- الاخراج و مكملات العرض
يمكن القول أن الاخراج اتخذ منحى ديناميكي –Dynamique بغية تحقيق عرض منفتوح
Un spectacle– ouvert .فمعظم لعب الممثلين يجري في مقدمة الخشبةمع استغلال مقبول بصريا ومبرر دراميا
حين تضطرالشخصيات المسرحية التموضع في أقصى يمين أو أقصى يسار الخشبة .عدى ذلك أقوى المواقف تم
التعبير عنها من مقدمة خشبة أتت فضاءها ديكور تابت يوحي استعانة بمؤتمرات مضافة ( إنارة, موسيقى ) بالزمان
و بالمكان أكثر مما تعيد هندستهما وفقا لكل ما يقتضيه الموقف المعبر عنه من حالة مشهدية . أداء الممثلين أمد هذا
الاختيار بشحنة تواصلية كان تفاعل الجمهور معها رائعا.بناهاالاخراج في صيغة متواليات مشهدية بطريقة ذهاب
(aller et retour) تم إياب أو إن شئنا قول ،تبادل التفاعل في إحداث هذه الشحنة في المشاهد التي جمعت بين ،فاطمة
+ المخلوفي و بين فاطمة + الكلب و الكمان ، تم بين فاطمة + المختار ولعل قمة ذلك ما جمع بين فاطمةو سحت
الليل لقوة المفارقة بين رفضها له و قبولها به و ما ترتب عن ذلك من تفجر عاطفة أنثوية محتجزة و توق للوصال
و الحب من حيث هو حاجة انسانية طبيعية بل أكثر من طبيعية قضت حدة التناقضات و نوعية الصراعات بجعل
الزيفحقيقة، و الحقيقة مجرد كذبة حصلت و لن يعاد حصولها، لعلة سببية لا ثانية أو ثالث لها، إلا وهي سيطرة سحت
الليل الذي صار الواقع الجديد الذي يتعين القبول به و التعايش مع اشتراطاته.
و من أجل إضاءة رؤيته و بسطه تفاصيلها من خلال ما تمور به الخشبة من حياة ،سخر الاخراج و توسل كل التقنيات
التي توفرها قاعة المسرح و إمكانيات الصالة التقنية. لهذا – ربما- لم يكن الستار مسدلا على المنظر العام الذي ستدور
ضمنه أحداث هذا العرض المسرحي – le dispositif Sénèqueو لا كانت أضواء الخشبة مطفأة، إذ سرعان ما
انطلق العرض لينهيدردشات و أحاديث جمهور القاعة و دون إثارة انتباهه عبر الطقس المسرحي الكلاسيكي المتمثل
في الدقات الثلاث.
مسرحية سحت الليل عرض جدير بالمشاهدة، و المبدع عمر جدلي يستحق أن تحظى أعماله بتتبع الجمهورلها
كما بمتابعات المحلل و الناقد المتخصصين.
7-عود على بدأ
المسرح داخل المسرح- Le Théâtre dans le théâtre،تجربة عالمية طبعتها الجرأة في البحث و في التجريب
بغية ابتكار و لإحداث أفق مسرحي نوعي و خارج بالضرورة عن المألوف إن على صعيد التأليف أو على مستوى
الاخراج .على أن ما يشكل حجر الزاوية في هذا المسرح هو الاطر المرجعية لمؤسسيه ( لويدجيبييرأندللو الايطالي)
ومن عملوا على تأصيله – للحصر فقط – نذكر عربيا( الفقيد سعد الله و نوس السوري) و مغربيا( الرائد الطيب
الصديقي). المقصود بالأطر المرجعية الزاد الثقافي و الخلفية النظرية ناهيك عن مكنة بناء نص أدبي يحقق بفضل
الاخراج متعة المسرح داخل المسرح. أي مسرح يساءل بما يحمله من تجديد و من جدة في المعالجة مراهنة منه على
خلخلة الثابت و زعزعته لصالح رؤية مسرحية مغايرة نجد مشاربها في الفكر و الفلسفة كما في أحدث تيارات الشعر
و الكتابة الروائية. بهذا المعني حمل هذا المسرح و سيبقى حاملا لقيمة تاريخية ، تجعل جمهوره قبالة الشروط المادية
التي بلورت وعيه في نفس الان الذي خلقت فيه ظروف عيشه بما فيه النظام السياسي و منظومة القيم ناهيك عن أثر
و فعالية التقاليد و الوعي السائد في تشكيل الكائن البشري في شرط تاريخي بعينه.بهذا يصير الجمهور مشاركافاعلا
في العرض مأثر على قدر تأثره به.ففي المسرح داخل المسرح تنتقل المتعة الفنية بالإدراك إلى فهم الوقع من خلال
المتخيل المسرحي الذي يمدبه العرض.
و بالعودة إلى عرض سحت الليل كيف يتحقق المسرح داخل المسرح و ماذا كانت رسالته؟
تأسس النص المسرحي على عملية تبئير- Focalisation ديناميكي بحيث تفضي متوالية حكائية إلى أخرى، و في كل
واحدة يقدم كل ممثل شخصية مختلفة و كأننا أزاء مشهد داخل مشهد لا يزيح أي منهما الاخر بقدر ما يكمل الاحق
السابق في اضاءة رؤيا العرض و تفجير متن العرض و تيمته المركزية. ما يبلور سؤال العلاقة بين الوهم و الحقيقة في
ما يجري فوق الركح من أحداث و من وقائع؟
أثناء عرض مسرحية سحت الليل ، يتواجه الجمهور مع عالم من الافكار و المواقف المرتبطة بقضية واحدة الشيء
الذي يجعله أزاء مسرح ذهني يتطلب التفكير و يستوجب استحضار الواقعي اثناء مشاهد الزهم المسرحي .يتدخل تحث
ضغط صيرورة مشهدية عنصرها الحاسمان، ما يسمعه من حوارات و ما يرى إليه من مشاهد لا يمكن إلا أن تدفع به
للتدخل و التعبير عن رأي ، موافق أو مخالف لكن لن يبقى دون أحدهما . لان إطار الحكاية مشيد بما يحقق هذا الهدف.
فأي رد فعل سيخلفه تتبع مسار زيجة أرسل فيها الزوج للحرب ليعود منها – بعد ستة عشرة سنة – كسيحا محمولا فوق
كرسي متحرك، دون أن يجرأ أقرب الناس إليه ( زوجته تم أبوه) على الاعتراف به و الدفاع عن حقه في الوجود بينهم؟
تلك في المأساة التي تترتب عن الحرب ،أما حينما تكون حربا بدون قضية تصبح مأساتها جرحا مضاعف الالم.