حفيظ يكتب: عندما تدبر الدرجة الصفر من المسؤولية التعليم العالي بالمغرب
عندما يلتقي موقف النقابة الوطنية للتعليم العالي، بأجهزتها الوطنية والجهوية والمحلية، مع موقف الأساتذة الباحثين، بممثليهم في مجالس الجامعات والكليات، وبمنتخبيهم في الهياكل الجامعية، من رؤساء الشُّعب ومنسقي المسالك وأعضاء اللجان البيداغوجية، ضد تمرير وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي لما تَدَّعِي أنه “إصلاح بيداغوجي” بمسمى “نظام البكالوريوس” (الباشلور).. ومع ذلك يصر الوزير المنتدب المكلف بالتعليم العالي والبحث العلمي على القول إن البدء في تطبيق هذا النظام “سينطلق بشكل فعلي في شتنبر 2020 في مؤسسات التعليم العالي المغربية”، فهل يمكن أن ننتظر إصلاحا من هذا النظام الذي تصفه الوزارة بـ”الجديد”؟!
هل بهذا النوع من التفاعل مع موقف طرف أساسي في الجامعة يمكن أن نقول إن هذا الوزير يسعى فعلا إلى إصلاح أوضاع الجامعة المغربية، والتي لا يشكل النظام البيداغوجي إلا جزءا منها؟!
وهل يكفي أن يقول مسؤول “كبير” بالوزارة نفسها: “إن هذا النموذج الجامعي يأتي استجابة للتوجيهات الملكية السامية المتعلقة بقضية التعليم والتكوين” لينجح في إقناع الأساتذة ونقابتهم وممثليهم في الهياكل الجامعية؟!
وما جدوى حرص هذا “المسؤول الكبير” على إقحام الملك في هذا الخلاف الجوهري بين الوزارة وطرف لن تقوم العملية البيداغوجية والعلمية في الجامعة بدونه؟
إنهم يريدون أن يختبئوا وراء مقولة “التوجيهات الملكية” ويستعملونها واقية لهم أمام الرفض القوي والواسع للأساتذة الجامعيين لما جاءت به الوزارة من “إصلاح فاسد”؟!
– فهل “التوجيهات الملكية” هي التي وَجَّهَت الوزارة إلى عدم الإشراك الفعلي والحقيقي للأساتذة في إعداد الإصلاح الذي تحتاجه منظومة التعليم العالي والبحث العلمي؟
– وهل “التوجيهات الملكية” هي التي وَجَّهَت الوزارة إلى عدم أخذ المواقف التي عبر عنها الأساتذة في الشعب ومجالس المؤسسات ومجالس الجامعات بعين الاعتبار؟
– وهل “التوجيهات الملكية” هي التي وَجَّهَت الوزارة إلى الإقدام على ما تسميه “إصلاحا بيداغوجيا” دون القيام بتقييم شامل وعلمي للنظام الحالي “إجازة – ماستر – دكتوراه” (L.M.D)؟
– وهل “التوجيهات الملكية” هي التي وَجَّهَت الوزارة إلى هذا الاستعجال والجري وراء “إصلاح جزئي”، بينما الجامعة المغربية في حاجة إلى إصلاح شمولي؟
إن الوزارة أخطأت السبيل إلى الإصلاح الذي تحتاجه منظومة التعليم العالي والبحث العلمي، سواء على مستوى المنهجية التي اعتمدتها في الإعداد، أو على مستوى الأسلوب الذي اتبعته وتتبعه في التواصل مع الأطراف المعنية ومع المحيط.
ليس أمام الوزارة إلا أن تصحح خطأها. أما أن تلجأ إلى رفع سلاح “التوجيهات الملكية” في وجه الأساتذة الرافضين لمشروعها، فإن هذا دليل ساطع على أننا أمام “الدرجة الصفر من المسؤولية”.