حفيظ يرثي العراقي رائد وداعم الصحافة المستقلة.. في وضع استثنائي..تجربة لوجونارل والصحيفة(فيديو)
استيقظتُ صباح هذا اليوم على نبأ الرحيل المفاجئ لصديقي العزيز وأخي فاضل العراقي. نبأ آلمني مثلما آلم أفراد أسرته الصغيرة وعائلته الكبيرة وجميع أصدقائه الذين يعرفون جيدا معدن الرجل الطيب والكريم والشجاع.
لقد جمعتني وعددا من زملائي في مهنة الصحافة بالفقيد تجربة “الصحيفة” و”لوجورنال” التي كان لها دور فاعل ونوعي في تطوير الصحافة المكتوبة ببلادنا وإعطاء نفس جديد لها بتأسيس صحافة مستقلة وحرة. كان فاضل العراقي المساهمَ الرئيسي في المؤسسة التي كانت تُصدر الصحيفتين. ومن موقعه ذلك، ساهم في إرساء تجربة صحافية متميزة تحرص على استقلاليتها وتتشبث بحريتها، تجربة لم تكن تفصل ممارسة مهنة الصحافة عن الدفاع عن حرية الرأي والتعبير والديمقراطية، وكانت له مواقف جريئة في الدفاع عن هذه التجربة وتحمل كل الصعاب.
وفي خضم سنوات هذه التجربة وما بعدها، تعرفتُ عن قرب على فاضل الإنسان؛ الفاضل مع أسرته، الفاضل مع والديه وأخويه، الفاضل مع أصدقائه، الفاضل مع من يشتغلون معه.قبل 15 سنة (07 أكتوبر 2005)، وفي سياق لا يسمح المقام بذكره، كنتُ كتبتُ في “الصحيفة” شهادة في حق الفقيد العزيز فاضل العراقي. هذا جزء منها:
“لن نفشي سرا إذا قلنا إن الرجل بقي صامدا باستمرار انخراطه في هذه التجربة (تجربة “لوجورنال” و”الصحيفة”) كأحد المساهمين الأساسيين. والمشتغلون في عالم الصحافة بالمغرب، المكتوبة منها على وجه الخصوص، يعرفون أن إصدار صحيفة مستقلة مغامرة مالية تضاف إلى متاعب المهنة ومخاطرها.
المغامرة والمخاطرة تتضاعفان حين يقبل المساهم الأساسي أن يلتزم بالمسافة بينه وبين طاقم التحرير. وهذا التزام لم يخرقه فاضل العراقي. فلم يثبت أن استعمل “أسهمه الأساسية” لتوجيه عمل الصحافيين في هذا الاتجاه أو ذاك. وبإمكان كل من يشتغل اليوم في هذه التجربة الإعلامية، أو من اشتغل فيها في الماضي من الصحافيين أو المسؤولين على التحرير، أن يؤكد هذه الشهادة.
ولا أحتاج إلى أن أُذَكِّر بأن حريتنا واستقلاليتنا هي رأسمالنا وأسهمنا كصحافيين، وهي مصدر ثقة القراء فينا. وربما هذا هو ما يزعج البعض ممن لم يستطيعوا أن يكونوا أحرارا ومستقلين في ممارسة هذه المهنة.
قوتنا هي أنه لا يمكن لأي كان، كيفما علا موقعه وسما نفوذه، أن يجرؤ على أن يوجه إلينا تعليمات أو أوامر أو توجيهات لكي نكتب تحت الطلب. وإذا كنا يوما ما سنحمل القلم لنكتب غير ما يمليه علينا ضميرنا ورأينا وتلزمنا به قواعد المهنة وأخلاقياتها، فلا حاجة لنا بالاستمرار في هذه المهنة التي بانعدام حرية القلم تفتقد للمصداقية. فمن يبيع قلمه كمن يبيع قراءه ومواطنيه ووطنه.
ونحن فخورون بأن يكون ضمن تجربتنا هاته مساهم أساسي هو فاضل العراقي، لأنه يحترم موقعه في هذه التجربة الإعلامية كمساهم فقط، ولم يتقمص أبدا دور الصحافي الذي يقوم به أعضاء هيئة التحرير وليس غيرهم.”.