وداعًا يا عولمة! سيكون هناك نظامان اقتصادي وسياسي جديدين بعد كورونا.. وهذه فرصة للدول النامية المرهقة بالديون لتحويل الأزمة الى فرصة ولكن المطلوب أولا وثانيا وعاشرا هو إرادة التغيير.. ولتغيير النتائج نحتاج إلى تغيير المناهج..
يقول ديفيد ستوكمان David stockman. ” كان فيروس كورونا هو فقط الدبوس الذي فجر الفقاعة، وسبب في الآلام للكثيرين نتيجة تهاوي الأسعار في اسواق المال… بالاضافة الى الاعداد الكبيرة للديون غير العاملة، ولتحطيم احلام 30 سنة من الازدهار الأمريكي الكاذب المعتمد على طباعة الدولارات بدون غطاء حقيقي لتحقيق ازدهار كاذب قد توقف وبطريقة فجائية صادمة. وكل هذا يقودنا إلى الاستنتاج ان نظاما آخر قد أصبح من الضرورات.” واضاف: “أن ما كان يبدو وكأنه اقتصاد مزدهر كان ممزوجا بالعفن في داخله. تغول الاقتصاد المالي على الاقتصاد المنتج وازدهرت المضاربة بتشجيع من البنك المركزي والسياسيين في واشنطن فتحول بذلك شارع المال وول ستريت الى كازينو قمار خطر تاركين الجماهير تنوء بالديون بتشجيعها أن تصرف اكثر من إمكانياتها. والآن جاء فيروس كورونا لتفجير هذا العفن فاصبح واضحاً وجلياً للجميع.” بهذه المقولة شرع الباحث والمستشار النفطي العالمي، عبد الحي زلوم، في مقالة له نشرته صحيفة (رأي اليوم) الصادرة في لندن، قبل لأن يقول “لكن يبدو ان الأمر ليس واضحا لبعض العرب الذين ينطبق عليهم المثل الأمريكي (ليس هناك أكثر عَماً من الذين لا يريدون ان يبصروا).
وتوقع الباحث والمستشار النفطي العالمي، عبد الحي زلوم، أن ينكشف عالم ما بعد “كورونا” عن “نظامين اقتصادي وسياسي جديدين”، بمقدور الدول النامية المرهقة بالديون أن تحول من خلاله الأزمة الى فرصة شريطة أن تكون لديها رغبة في التغيير.
وأوضح الباحث الأردني من أصل فلسطيني، في مقال يتنبأ فيه بأفول نجم العولمة، وأن تحولات ما بعد أزمة “كورونا” لن تكون شرا مطلقا بل ستحمل بوادر فرص على الدول النامية المثقلة بالديون، التفطن لها والتقاطها في الوقت المناسب، ولن يكون ذلك ممكنا إلا بإرادة حقيقية في إنجاز التغيير الذي سيتطلب بالضرورة “تغييرا في المناهج”.
وتابع الكاتب، الذي صدرت له العديد من الكتب حول الاقتصاد والعوملة، أن من شأن التقاط هذه الإشارات الإيجابية لعالم ما بعد “كورونا” أن يخول لدول “كلبنان والأردن الانتقال الى دول بلا عجوزات ولا مديونيات” غير أن خطوة الألف ميل تبدأ بخطوة والخطوة الأولى، برأيه “هي إرادة التغيير”.
وسجل أن أزمة “كورونا” التي سيكون من أبرز نتائجها إقبار “العولمة”، ما كانت، برأي أحد المشاركين في صناعة السياسة الأمريكية على عهد رونالد ريغان، ديفيد ستوكمان، إلا ذلك الدبوس الذي فجر فقاعة المخبوء من أزمات في عالم المال والاقتصاد وكشف عن واقع “ازدهار كاذب” وأبان عن حتمية الحاجة الى التغيير وأن “نظاما آخر قد أصبح من الضرورات”.
ولفت الى أن ازمة 2008 لم يتم حل أسبابها وإنما تم تأجيل انهيار النظام الذي “بقي منذ ذلك التاريخ يمشي ميتا إلى أن جاءه فيروس كورونا فكان أول ضحاياه ولن تنفعه مسكنات بل سينتج عنه أنظمة سياسية واقتصادية بل واجتماعية بما فيها اعادة النظر في ثقافة الاستهلاك”.
وكدليل على ما يتطلبه واقع الإنجاز باتجاه تجاوز سلبيات العولمة الآفلة حتما، برأيه، بمجرد انكشاف غيوم الأزمة الصحية العالمية، استحضر الباحث حالة المكسيك في أزمتها الاقتصادية الراهنة، وكيف آلت إلى ما هي عليه الآن بعدما “قامت بكل ما كان مطلوبا منها للتناغم مع العولمة والسوق الحرة”، فكانت بذلك أحد أبرز ضحايا هذه العولمة، لافتا الى أنه ليس ببعيد عن هذا النموذج أمر العراق الذي كان عليه أن “يودع رصيد مبيعاته من النفط أيضا في بنوك أمريكية بنيويورك لتمويل مشترياته من الغذاء والدواء تحت شروط قاسية”.
وليتضح، يتابع الباحث، أن “الاستعمار الجديد استطاع، وبأدوات العولمة، أن يحقق حتى ما لم يستطع الاستعمار القديم تحقيقه”، مسجلا أنه إذا كان صندوق النقد الدولي قد “تنبأ بأن دول الجزيرة العربية ستصبح من الدول المقترضة بحلول سنة 2034″، فإن ما لديه من قناعة تحمله الى الجزم بأنه في حال “استمرت هذه الدول بعد كورونا في نمط العيش والسياسة ما قبل كورونا ستصبح من الدول المقترضة قبل سنة 2025″، وأن ما هو واضح وجلي للعيان بهذا الشأن لن تغفله إلا تلك العيون التي ينطبق عليها المثل الأمريكي “ليس هناك أكثر عمى من الذين لا يريدون أن يبصروا”.