رأي/ كرونيكسياسة

ليس دفاعا عن اليوسفي فقامته كبيرة بحيث لا يمكن أن يطالها الأقزام لكن أن يقارن ببنكيران!!؟

ترددت، لكنني وجدت أن واجبي الأخلاقي أن أضع النقط على الحروف والرد على الهراء، الذي يروجه الظلاميون ومن والاهم بعدما صدمهم الحزن الذي عم المغرب بعد وفاة أحد القادة التاريخيين للوطنية المغربية وللنضال الديمقراطي ببلادنا وبالمغرب العربي، الذين خلدوا اسمهم في التاريخ بمداد الصدق والاستقامة النادرة والنزاهة الفكرية والعفة وعزة اانفس والكرم، وتركوا بصمة لايمكن أن يمحيها مخبرو البوليس بالأمس والمجرمون القتلة والمدافعون عنهم بالأساليب التي تكشف عن انحطاط أخلاقي لامثيل له.

الراحل الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي ليس في حاجة إلى دفاعي، أو دفاع أحد عنه لأن قامته كبيرة جدا بحيث لايمكن أن يطالها الأقزام وتاريخه يشهد له ويجعل منه معلمة كبيرة من معالم هذا الوطن، ومن لا يعرف عنه لابد أن يلقي نظرة على سيرته مند كان شابا يافعا في أربعينات القرن الماضي، إلى حين وفاته كما نشرت، وهي غير كاملة، كي يتأكد أننا أمام شخصية من نوع الشخصيات الاستثنائية التي طبعت تاريخ الأمم والشعوب بما خلفته من اثار، هكذا سيتجنب مقارنته بالفقاعات العابرة من نوع بنكيران الذي قفز بانتهازية على فرصة في لحظة خاصة كما يقفز المضاربون على بعض السلع في أوقات النذرة ويتلاعبون بالمستهلكين بخبث.

الأستاذ عبدالرحمان اليوسفي كانت له خاصيات يشهد له بها أبناء جيله ممن اتفقوا او اختلفوا معه، ينذر وجودها في عالم السياسة في المغرب أو في بلدان أخرى. فقد كان الرجل يبتعد عن التسابق على المسؤوليات، حيث إنه عرضت عليه الوزارة في السنوات التالية للاستقلال بإلحاح كبير، لكنه اعتذر ووصل به الأمر أن جاء بالمعطي بوعبيد من طنجة ليحل محله رفعا للحرج، وهذا ما سمعته من المرحوم الأستاذ عبدالله ابراهيم الذي جمعته به علاقة قوية وتحالف وطيد وقتئذ، إذ كانا معا من مؤسسي الاتحاد المغربي للشغل ومؤطريه سياسيا وكان المحجوب بن الصديق والقيادة النقابية يساندانهما إلى جانب قيادات المقاومة وجيش التحرير.

وكان الرجل طوال حياته كريما وغير مهتم بالمال والثروة ولو شاء لكان من كبار الأثرياء لأنه كان محاميا كبيرا ذي نشاط وسمعة دوليتين مند سبعين سنة وكان لايتردد في مساعدة إخوانه والتكفل بهم وبمصاريفهم عندما يصيبهم مرض وعلى سبيل المثال فقد تكفل بالمناضل الكبير محمد بنسعيد ايت يدر وأنقذه من حالة صحية خطيرة في نهاية ستينات القرن الماضي بكلفة باهضة

وقبل ذلك، كان الرجل يعمل كل ما يستطيع للحصول على الأسلحة لفائدة المقاومة وجيش التحرير بالمغرب ولمساعدة قيادة جبهة التحرير الوطني ومقاومة المستعمر في الجزائر الشقيقة، وما كان ممكنا للرئيس الجزائري أن لايعزي في الرجل بالصيغة التي جاءت بها رسالته، لأن الاستاذ اليوسفي كان له دور في الملحمة الجزائرية أيضا وكان صوته مسموعا لدى قيادات كبيرة كالعربي بلمهيدي ومحمد بوضياف والحسين ايت احمد واحمد بنبلة…

وكان الرجل أيضا وأيضا مثقفا ليس في مجال تخصصه، القانون والعلوم السياسية وحقوق الإنسان، بل في مجالات أخرى، وكان اثقانه للغات الأجنبية، إلى جانب اللغة العربية، يسهل عليه الولوج إلى ثقافات لم يكن متاحا لكثير من أبناء جيله الولوج اليها، وكان معروفا بقدرته على الكتابة بدقة ووضوح كما تعكس ذلك افتتاحيات جريدة التحرير التي كتب أغلبها وأيضا عدد من خطبه كوزير أول التي خطها بيده، وكذلك بقدرته على النقاش بتركيز ووضوح وعلى الإقناع والتعايش مع الاختلاف، وهذا ما جعله يلعب الدور المحوري في جمع أطراف الكتلة الديمقراطية وفي تدبير ائتلاف حكومي واسع ومتناقض التكوين وجعل الجميع يشهد له، بمن فيهم من كانوا يناصبونه العداء سياسيا، بالمروءة والمرونة والقدرة على الحسم، .وقد حكى لي وزير سابق أنه لم يصادف من قبل شخصا بقدرة الاستاذ اليوسفي على التركيب وفي جمل مركزة.


وغير خاف أن الأستاذ اليوسفي كان يحظى باحترام كبير ليس فقط على المستوى المغاربي والعربي بل وأيضا على المستوى الدولي حيث ربطته علاقات قوية بالقيادات الاشتراكية والديمقراطية الاجتماعية من قبيل الرئيس متيران وبيير موروا، بفرنسا وسواريس بالبرتغال وغونزاليس بإسبانيا وشميث بألمانيا وغيرهم في إيطاليا والسويد وغيرهما و بالفاعلين الدوليين في ميدان حقوق الإ نسان والمحامين….

وإذ ننسى لاننسى أن الأستاذ اليوسفي عاد من الهند، وما أدراك ما الهند، بسحب الاعتراف من الجمهورية الوهمية وبعلاقات استثنائية استفاذ منها الفوسفاط المغربي إلى اليوم، وعاد من زيارة لأمريكا اللاثنية بنتائج لم يكن أحد يتوقعها خصوصا وأن الجزائر كانت قد استفادت من غيابنا عن هذه المنطقة من العالم، وعاد من جولة في عدد من بلدان غرب إفريقيا، التي لم يستطع أن يتمها بسبب إصابته في الرأس، بنتائج فتحت الطريق للاسترتيجية الحالية للمغرب في قارتنا. وخلال ذلك كانت علاقات الرجل وسمعته التي تسبقه وراء تلك النتائج.

كيف نقارن رجلا من هذا الحجم وبهذا التاريخ، وماوردته قليل من كثير، بعبدالاله بنكيران الذي لارصيد تاريخي له، إذا استثنينا خوفه من الخلطي الذي كنت شخصيا اتحداه وأواجه تجاوزاته وحين كتب رسالة الاعتذار جاء يبحث عني لأكون أول من قرأها قبل النشر أو رسالة الجبناء التي بعث بها إلى ادريس البصري عارضا خدماته، ولا كفاءات له غير القدرة على الزعيق وقول أي كلام، ولا ثقافة له غير ثقافة السماع التي تجعل التفكير مسطحا والحديث ثرثرة، ولا علاقات عربية أو دولية له غير العلاقة مع فلول الإخوان المسلمين والسلفيين الذين لايثاق فيهم حتى من طرف بعضهم البعض ولافائدة ترجى منهم للبلد.

أن يتجرأ مراسل جريدة المساء سابقا، الذي شغله الزميل رشيد نيني في وقت معين من تاريخ هذه الجريدة كان مفروضا أن أتولى رئاسة تحريرها لولا مؤامرة بوعشرين ومن معه، على الأستاذ اليوسفي للرفع من أسهم بنكيران، الذي تسول كذبا وبقلة نفس تقاعدا سمينا وسيارة فاخرة، معناه أن “قلة لحيا” بلغت مستوى غير مسبوق.

والغريب أن من يروجون لما دونه هذا الكنبوري يضفون عليه صفات الباحث والمفكر وما اعرفتش اش، وانصح قارئ هذه التدوينة السريعة أن يتصفحوا عبر غوغل ماكتبه هذا المراسل السابق وسيكتشفون لامحالة ليس الإنشاء والهزال فقط، بل “التلصاق” الذي يستغبي القارئ.

أن تجري المقارنة بين جبل شاهق كطوبقال وبين كدية معناه أنك لاتعرف شيئا عن شئ اسمه مناهج المقارنة وأنك جاهل بادوات القياس “وماعنكش علاش تحشم” وأنك متملق لغاية في نفس يعقوب. وجدت التفاهة مجالا فارغا فاستاسدت وصارت نموذجا للتافهين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى