تراسبرانسي: التراجع في مجال الحريات العامة يحرم مكافحة الفساد من خلال اعتقال نشطاء وصحافيين معروفين بتحقيقاتهم الحساسة
قالت ترانسبرانسي المغرب، إن العالم يحتفي يومي الأربعاء 9 والخميس 10 دجنبر، على التوالي باليوم العالمي لمحاربة الفساد، واليوم العالمي لحقوق الإنسان، وذلك في سياق وطني ودولي يتسم بتفشي الجائحة المُدمّرة كوفيد 19، وقد سلطت الأزمة الصحية في البلاد الضوء على الهشاشة الشديدة للاقتصاد الوطني الذي ينخره الريع والفساد اللذان أديا إلى إهمال الخدمات الاجتماعية، ونشر الهشاشة، وتفاقم الفوارق الاجتماعية والفقر لدى الغالبية العظمى من السكان.
وأضافت الجمعية، في بيان، بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، أن التراجع الواضح في مجال الحريات العامة يحرم مكافحة الفساد من ديناميكية المجتمع المدني من خلال اعتقال نشطاء حقوق الإنسان وصحافيين معروفين بانتقاداتهم وتحقيقاتهم الحساسة والذين يتواجدون رهن الاعتقال الاحتياطي التعسفي بدون محاكمة.
وأوضحت تراسبرانسي المغرب، أنه و على مستوى الحكامة، فإن أزمة كوفيد 19، لم تسلط الضوء على مكامن الضعف في الاقتصاد الوطني فحسب، بل شهدت استمرار ممارسات مدانة متمثلة في تفويتات مشبوهة لصفقات عمومية، وإعطاء تراخيص بجميع أنواعها مقابل عمولات، ومظاهر من الابتزاز.
في السياق ذاته، شددت الجمعية التأكيد أن البلاد تعاني من وضعية فساد مزمن ونسقي، إذ تراجعت مرتبة المغرب في مؤشر إدراك الرشوة لسنة 2019 بسبع مراتب مقارنة بعام 2018، ليحتل المرتبة 80 من أصل 180 دولة في التصنيف العالمي، وهو ما يدل على المستوى الحاد والممنهج للرشوة بالبلاد، مشيرا المصدر ذاته، أنه وفيما عدا الخطاب المناهض للفساد والذي فقد المصداقية تماما، فلا وجود لإشارة إيجابية عن إرادة حقيقية لمكافحة الرشوة بشكل فعّال.
إلى ذلك، أوضح البيان، أنه وفيما يبدو أن الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد التي تم تبنيها سنة 2015 أصبحت في طي النسيان، إذ لم يُسجّل أي تقدم ملموس على مستوى تفعيل مقتضياتها، وأن اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد التي من المفترض أن تقود هذا البرنامج لم تجتمع سوى مرتين منذ إنشائها سنة 2017.
في السياق ذاته، اعتبرت تراسبرانسي المغرب، تأجيل التعديلات على القانون الجنائي الذي يجرم الإثراء غير المشروع يوجد في وضعية متعثرة منذ سنة 2015، إضافة على أن تنظيم وضبط تضارب المصالح لم يدرج بعد على جدول الأعمال، مثلما يواجه القانون الجديد المتعلق بالهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها الذي يوجد بين أيدي البرلمان محاولات لإفراغه من جوهره ومرتكزاته الأساسية ومن استقلالية الهيئة.
البيان، أوضح أن التقارير الواردة من لجان التقصي البرلمانية والمجلس الأعلى للحسابات والهيئات الأخرى ذات الصلة، نادرا ما تؤدي إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة، وهكذا فإن الغرامات التي فرضها مجلس المنافسة للحد من الاحتكار في مجال المنتجات النفطية والمحروقات والتي تضعف القوة الشرائية للمواطنين وتحُدّ من القدرة التنافسية للشركات لا زالت مجمّدة..
جمعية ترانسبرانسي المغرب، أكدت في الأخير، أنها تحتفي بهذين اليومين بقناعة أنه لا يزال الطريق طويلا لكي يتم إقرار وتبني سياسة حقيقية لمحاربة الفساد، واحترام تام لحقوق الإنسان، نابعة من إرادة سياسية حقيقية لمختلف سلطات الدولة، مؤكدة في الآن ذاته أنها ستواصل جهودها من أجل تشييد دولة الحق والقانون ومنظومة وطنية للنزاهة ذات مصداقية.