أوديوثقافة وفنوندابا tv

عبداللطيف اللعبي وفوزه بالجائزة الشعرية الكبرى “روجر كوالسكي” تقديراً لمكانته الأدبية وحوار مطول (أوديو+ فيديو)

فاز الشاعر والأديب عبد اللطيف اللعبي (1942) بالجائزة الفرنسية الكبرى للشعر “روجر كوالسكي” بمدينة ليون الفرنسية عن عمله الشعري”لا شيء تقريبا” الصادر ضمن منشورات”لو كاستور أسترال”.

وبهذه المناسبة، عاد الحديث مجددا حول مكانة هذا الشاعر داخل الثقافة العربية المعاصرة، في وقت تعددت فيه إصدارات اللعبي، بين الشعر والرواية والنقد، ثم التشكيل في مرحلة لاحقة من عمره.

عبد اللطيف اللعبي (ولد سنة 1942، فاس) كاتب وشاعر ومترجم فرنكفوني من أصل مغربي. درس الأدب الفرنسي بجامعة محمد الخامس بالرباط، وأسس عام 1966 مجلة أنفاس.

كما اهتم بالمسرح، حيث شارك سنة 1963 في تأسيس المسرح الجامعي المغربي. أعتقل اللعبي بسبب نشاطه السياسي سنة 1972، ولم يسترجع حريته الا سنة 1980 على إثر حملة دولية واسعة. سنة 2009 حصل على جائزة غونكور الفرنسية للشعر.[1][2] و في سنة 2011 فاز بالجائزة الكبرى للفرانكفونية التي تمنحها أكاديمية اللغة الفرنسية,

ويعد اللعبي القادم من فاس من أكثر الشعراء المغاربة الذين يكتبون بالفرنسية، إيمانا بضرورة “تحديث الأدب المغربي الغارق في تمجيد الذات وتقليديتها” بما تمثله هذه المدينة آنذاك من تقليدية واستقرار أعيان البلد فيها، لم تكن تشكل إلا استمرارا تاريخيا ماضويا، ينفي معه كل فعل حداثي.

السجن وقلق الأسئلة عن  (موقع الجزيرة)

وشكل السجن المختبر الحقيقي للفعل الشعري لدى اللعبي الذي غدا بمثابة شرارة تنفجر من بواطن الذات ومساربها لتكون أشبه بضوء يتيم في عتمة أو نبراسا يضيء الطريق للمنكوبين والحالمين بمغرب أفضل.

إن الكتابة الشعرية تعمل بشكل قهري على مقاومة الفراغ والألم والعذاب داخل السجن، فالجسد في هذه الحالة لا يمتلك الوسائل الدفاعية لمواجهة مختلف أشكال السلطة وجبروتها في حق جسد الشاعر الذي لا يمتلك سوى اللغة التي هي وسيلته الوحيدة للثورة على السياجات القمعية منها والرمزية التي تحد من حريته داخل السجن.

فالشعر عند اللعبي ليس ترفا فنيا أو ملاذا تخييليا، بقدر ما هو فعل أنطولوجي ووسيلة للحلم والصراخ والتعبير، إنه علامة عن مقاومة السلطة وكل أشكال القمع وتكسير حواجزه عن طريق اللغة. يقول اللعبي في قصيدة “ساعتان في القطار”:

في ساعتين بالقطار

استعرض فيلم حياتي

بمعدل دقيقتين في السنة

نصف ساعة للطفولة

وأخرى للسجن،

الحب، الكتب، والتسكع

تتقاسم الباقي

يد صاحبتي

تذوب شيئا فشيئا في يدي

ورأسها على كتفي

بخفة حمامة

عند وصولنا

سأبلغ الخمسين

وسيبقى لي من الحياة

ساعة تقريبا

لكن المثير في تجربة اللعبي أن هذا الجرح لم يبق حبيس النص الشعري، بقدر ما توغل أكثر داخل بنية العمل الروائي، حيث اللغة أكثر فساحة والمخيلة غير مقيدة هي الأخرى بالبناء والشكل، لكنها لا تمثل سوى الامتداد العميق للتجربة الشعرية، بل والاهتمام أكثر بالتفاصيل الصغيرة المنسية التي قد تهملها القصيدة، لكنها داخل رواية “العين والليل” تحضر باهتمام بالغ بهذه الدقائق من وجودنا المأساوي. يقول عنها الناقد محمد برادة “تميزت بنفسها الشعري وعنفها النصي الحامل لأجواء التمرد والرفض في مغرب السبعينيات”.

إن تجربته الروائية لا تشتغل بشكل مستقل عن الشعر، يثمنها ويوسع من أفقها الحالم للبحث عن المدهش والغريب في اجتماعنا الإنساني داخل مسارات متقطعة من سيرة الشاعر في علاقتها بفضاء السجن. لكن اللغة الشعرية هنا تبقى الخيط الناظم أو الضوء الخفي الذي يلحم فعل الكتابة بين الشعر والرواية، ويدفعهما معا اللعبي إلى تكسير الأسر بكل ما يحمل من دلالات رمزية ونفسية وسياسية واجتماعية وثقافية، بالمقارنة مع رواية “قاع الخابية” التي تعطل في النفس الأيديولوجي على حساب سردية العمل الروائي من خلال طرق موضوع السيرة الذاتية والبحث المتوارى من حياة الشاعر.

يقول عنها برادة في نفس السياق “يتجه اللعبي إلى السيرة الذاتية مستوحيا طفولته في فاس منذ ولادته سنة 1942 إلى مجيء الاستقلال عام 1956، لكنها سيرة تتدثر في الشكل الروائي وتزاوج بين دفق الذاكرة وفطانة الوعي، الفضاءات والطقوس والنماذج البشرية، من طاحونة الزمن وستائر النسيان”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى