في نقد تجديد السياسة بنفس تيقنوقراطي
رغم أن ما يشبه الحرب الأهلية داخل المربع وفيما بين مخططي الاقتصاد السياسي ومهندسي العقل الأمني لم تحط اوزارها بعد؛ فإن ملامح الخريطة المقبلة لن تخرج عن أمر واقع هيمنة التيقنوقراط في تدبير الشأن العام، و إن بلبوسات “حزبية” جديدة، ليطرح السؤال حول طبيعة الخلفية “المهنية او الاكاديمية” لهؤلاء الأطر، خاصة في ظل تراجع نفوذ التقنيين القانونيين المتخصصين وفشل مقاومة الفاعلين الحقوقيين الذين امتهنوا فعليا مهمة هندسة انتقال ديموقراطي كان عنوان المرحلة الاولى من العهد المحمدي، والذين خفت نجمهم برحيل مهندسي الانصاف والمصالحة، بريادة ادريس بنزكري ودعم محمد البردوزي؛ بنفس القدر الذي تراخى فيه خريجو البوليتيكنيك إثر رحيل عرابهم مزيان بلفقيه.
لكن السؤال الراهني الذي يطرح نفسه بإصرار ما هو العرض الذي يمكن ان يقدمه سياسيو اليسار والحالة هاته، في ظل الاطمئنان الكامل للدولة تجاه تسييد حلفائها الأصوليين واكتساحهم للمشهد السياسي، مع استحضار تردد، إن لم يكن فشل، قدماء اليسار الراديكالي وضحايا سنوات الرصاص من القيادات، الذين تبنوا توصيات هيأة الانصاف والمصالحة كوسيلة لتحديث النظام السياسي، داخل نفس بنيته الدستورية، في الحلول محل الحركة التقدمية التاريخية، إثر إجهاض فكرة التناوب التوافقي؟.