الرئسيةرأي/ كرونيكرياضة

هشتاغ “لقجع فاسد” أو الحنين إلى الفساد

عبد اللطيف فدواش
استهدفت حملة ممنهجة على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، فوزي لقجع، رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، حملة قادها مجموعة من المحسوبين على نادي الرجاء الرياضي لكرة القدم، واستغلها الإعلام الجزائري، الذي يلصق إخفاقات الاتحاد الجزائري لكرة القدم بفوزي لقجع، وكأنه الآمر الناهي، ليس فقط، في الاتحاد الإفريقي (كاف)، بل أيضا على المستوى الدولي (فيفا).

وبوقفة تأمل، فالحملة الممنهجة، والتي لا يمكن أن يكون من ورائها، فقط، جمهور عاد، خاصة أن هاشتاغ مهاجمة “لقجع فاسد” تصدر منصات التواصل الاجتماعي بالمغرب، إنما من ورائها جهة أكثر تنظيما أو تمويلا أو تحالفا معا.

وإذا تأملنا في أسباب الحملة و”فساد” الرجل يتضح أن الفاسد الحقيقي هو من مول أو حرك للترويج للحملة.

أولا، لأن إقحام الرجل في موضوع البرمجة أمر مثير للاستغراب، لأن العصبة الوطنية الاحترافية، التي يرأسها عبد السلام بلقشور، وليس لقجع هي من تتحمل مسؤولية البرمجة، وليس الجامعة.

وبالعودة إلى التاريخ فالرجاء تحكمت لعقود في الجامعة والمجموعة الوطنية لكرة القدم (العصبة حاليا)، والمتتبعون يعرفون كيف كانت تدار الأمور، ومع ذلك لم تحتج الفرق على البرمجة، في عهد تدبير “حكماء” الرجاء غير المعصومين من الانحياز والخطأ.

الرجاء، للأسف، سواء “مسؤولين” ومنخرطين، وجمهور، عادة ما يتباكون، ليس من أجل نيل حق، وإنما للظفر بشيء ليس من حقهم، وهناك سوابق كثيرة في هذا الشأن.

ثانيا، التحكيم، وهنا لابد من التسجيل، فعلا، أن التحكيم المغربي ضعيف، لكن ما هي مسؤولية لقجع، في أخطاء شخصية، سواء كانت متعمدة، بسوء نية أو غير متعمدة، وكل الفرق عانت من هذه الأخطاء، وأخرى استفادت منها، من ضمنها الرجاء، التي استفادت من مجموعة من الأخطاء، على سبيل المثال مباراة الذهاب ضد نادي أولمبيك آسفي، في المجمع الرياضي محمد الخامس بالدار البيضاء.

إن المسؤولية على عاتق مديرية التحكيم، التي من المفروض أن تقوم بدورها، سواء في المراقبة أو التكوين، لكن للأسف هناك محاباة، وغض النظر عن أخطاء بعض الحكام، التي غيرت نتائج مبارايات، بما فيها مباراة لفريق رئيس الجامعة الملكية المغربية، نهضة بركان أمام نادي الوداد.

هل من المفروض أن يتدخل لقجع في شؤون مديرية، ويوجهها، ألا يدخل ذلك في التدخل في اختصاصات المديريات واللجان، وتوجيهها وبالتالي التحكم فيها؟؟

ثالثا، التحكيم قاريا، كيف لنادي عريق أن يحتج على رئيس الجامعة على سوء أداء حكم مباراة قاريا، لا لشيء سوى لأنه عضو في الكاف؟؟

قبل أن نجيب، فليعلم المحتجون أن فريق رئيس الجامعة وعضو الاتحاد الإفريقي، نهضة بركان، أقصي ولم يتأهل لدور المجموعات في كأس الاتحاد الإفريقي.

إن مسؤولية لقجع بالاتحاد الإفريقي كباقي الأعضاء، من المفروض أن تكون مشروطة بالدفاع عن مصالح كرة القدم الإفريقية، عموما، وليس دولة أو فريق معين، لأن الاتحاد الإفريقي قطع مع مرحلة كان يتحكم فيها المصريون والتونسيون والجزائريون في دواليب الاتحاد الإفريقي، وبعضهم هم الذين يهاجمون اليوم لقجع، لأنه، بمعية مكونات الكاف قطعوا الطريق على الفساد.

نعم لقجع أعاد الاعتبار للأندية مغربية، جميعها، دون استثناء، في المسابقات القارية، في إطار القوانين، دون محاباة، كما باقي الفرق الإفريقية، التي عانت أيام سطوة الفساد، لكن بعض الذين مازالوا يحنون إلى الماضي إياه، يتحالفون، اليوم، من أجل إعادته (الفساد) لا من أجل إسقاطه كما يدعون.

رابعا، إن المسؤولية تقتضي الجرأة وليس الشعبوية، وهنا الكلام موجه لرئيس نادي الرجاء الرياضي، عزيز البدراوي، الذي بدل أن يعترف بأخطائه ويقومها، لأنه ليس من العيب أن يخطئ المرء لكن العيب في الاستمرار في الخطا، الذي انطلق منذ بداية وحتى قبل تحمل المسؤولية على رأس الفريق.

البدراوي باع الوهم للرجاويين، قبل حتى أن يتحمل المسؤولية، فوجد نفسه محاطا بوعود أحلامه، فبدأ يلصق إخفاقاته بالآخر، فهذا الذي وعد بحصد جميع الألقاب، بتغيير “الكرارص” بلاعبين جيدين، والتمويل ووو بدأ يشعر أن هذه الوعود صعبة المنال، وبدل قول الحقيقة، أعلن في تصريح على الهواء عن تقديم استقالته من العصبة الاحترافية.

أخلاقيا الرجل “منتخب” في جهاز أو تنظيم ومن المفروض تقديم الاستقالة كتابة إلى إدارة المؤسسة أو الجهاز يدل إعلانها على الراديو، لكن إذا فعلها لن يكون البدراوي، الذي “سطع نجمه” في لمحة بصر بشعبويته.

خامسا، إن المسألة متعلقة بفساد حقيقي وابتزاز، إن مطلقي الحملة يريدون نقاط مباراة على الورق، بعد أن خسروها على أرضية الملعب، إنها مباراة أولمبيك آسفي في الإياب، ربحوا نقطة الذهاب عن طريق الحكم ويريدون من لقجع منحهم نقط الإياب.

سادسا، وهنا التخوف الأكبر، لماذا انطلقت الحملة مباشرة بعد أن أعلن فوزي لقجع، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، الأربعاء الماضي بالرباط، خلال الندوة الصحفية الأسبوعية للحكومة، عن آخر مستجدات التحقيق في فضيحة تذاكر المونديال، التي تاجر فيها بعض “المرتزقة”، مؤكدا أن الإجراءات التي سبق الإعلان عنها هي التي ستتم بكل وضوح وشفافية، وفي الآن نفسه أعلن عن نهاية المسار الرياضي لكل متورط أو كل من سولت له نفسه أن يتدخل بشكل أو بآخر في هذه العمليات التي لا تمت إلى الأخلاق الرياضية والوطنية بصلة، وأن القضاء سيقول بدوره كلمته في الموضوع، حيث قال “بطبيعة الحال ستكون هناك مجموعة من المتابعات القضائية، سنعلن عنها وعن لائحتها بكل وضوح”.

وأخيرا، من العار أن تتحول مدرجات ملاعبنا إلى مواسير مراحيض تصدح بأقبح الكلمات في حق أمهات وأباء مسؤولين، إن النقد إيجابي لكن له شروط وقواعد، لأن السب والشتم بأقبح الصفات يسيء للصادر منه قبل الذي صدر في حقه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى