اقتصادرأي/ كرونيكسياسة

مشروع قانون المالية يبقى أوراقا لا يعلم أحد حتى من واضعيه ما إذا كانت ستصمد لأشهر بسبب حساباته الغامضة

من المؤكد اليوم أن حكومة الديبلومات، التي كان وزراء حكومة عبدالله ابراهيم سيخجلون من ضعفهم أمامها، قد شعرت أن رئيسها قد قدم تصريحا حكوميا “كيحشم”، نظرا لمجيئه شبيها بالبناء العشوائي ومليئا بالحفر، لذلك ارتأت، أو بالأحرى ارتأى الحزب الذي اشترى”ساروتها”، أن تستغل مناسبة عرض مشروع قانون المالية 2022 أمام البرلمان لتقديم تصريح حكومي ثاني رأت أنه يليق بها و يزيل الأثر السئ لما قدمه رئيسها، زعيم الأغلبية الحكومية المعروف بأنه رجل مال وأعمال وليس رجل سياسة وفكر وأحزاب و داكشي.

التصريح الحكومي الأول حسبه رئيس الحكومة، في رده على المناقشات البرلمانية، على الأحزاب الثلاثة المشكلة للأغلبية الحكومية التي فشل من انتدبتهم في صياغة تصريح وبرنامج حكوميين “ما كا يحشموش”، لذلك جاء التصريح الحكومي الثاني معتمدا مقاربة مختلفة تحسب ل”مول الساروت” وحده بلا شريك.

وهكذا، فقد ارتقت الصياغة ودققت كثير من المفاهيم، التي كانت “موضرة”، في التصريح الأول بمدخل سياسي ركز على القضية الوطنية، قضية الوحدة الترابية، يناسب اللحظة وما يعتمل فيها في ضوء العدوانية المتصاعدة للمجانين الذين ينيخون بكلكلهم على شعبهم في جوارنا الشرقي و التحركات الدولية المتعلقة بهذه القضية، لكن الملاحظ أن بقية التصريح، الذي لم يكن مشروع قانون المالية مركزيا فيه، أظهرت بشكل لاغبار عليه أنه اعتمد على الإدارة هذه المرة و ليس على أحزاب الاغلبية الحكومية، أو حتى على وثيقة النموذج التنموي الجديد، الذي أشير اليه كما أشير للخطاب الملكي جريا على العادة.

ذلك أن هذا التصريح الحكومي الثاني، الذي قرأته الوزيرة المحسوبة على حزب رئيس الحكومة، مثل محاولة تجميع agrégation لما يرد عادة في وثائق الوزارات المدفوعة لوزارة المالية للدفاع عن حصتها من الميزانية العامة وتبرير مطالبها، وهي وثائق تختلف قيمتها بحسب جدية أو عدم. جدية او كفاءة أو عدم كفاءة أو معرفة أو جهل الاداريين المسؤولين في كل وززارة، في ظل ما تعرفه الادارة من زبونية مقيتة وفساد ضارب وغلبة “تاحرامييت و اللهطة” التي سنراهما متفاقمين ومتعاظمين خلال الفترة المقبلة لامحالة، بحيث أن تجربة اإعداد إطار النفقات على المدى المتوسط CDMT لم تثمر بنفس المستوى في كل الادارات و لم تكن الحكومات المتوالية مند 15 سنة قادرة على تطويرها، لأن أفق نظرها كان قصير المدى دائما و لا يتلاءم حتى مع السياسات القطاعية التي اوصى بها البنك العالمي و اسند وضعها لشركات دولية تبيع نفس المنتجات والخدمات ذات الحمولة الايديولوجية في كل مكان، و لا تهمها المعطيات السوسيولوجية و الانتروبولوجية والتاريخية والسياسية.

هكذا، ورغم انه تم التركيز على اربعة محاور في لحظة من هذا التصريح الحكومي الثاني، فان الميل الى التجميع جعله يتيه و لا يعطي رؤية طموحة يمكن الاطمئنان لها والقول اننا فعلا قادرين على تخطي مخلفات ازمة كوفيد و السير بخطى واثقة في سبيل قويم نحو اهداف واضحة وطموحة للارتقاء باقتصادنا و بمستوى معيشة مواطنينينا.

إذا تجاوزنا بعض الصيغ الانشائية هنا وهناك، فاننا سنلفي أنفسنا امام خطاب مكرور يشبه خطبا سمعها الجميع في سنوات سابقة Du déjà vu et entendu وامام اشكال ضعف السياسة والاستنجاد بالادارة . اما عن مشروع قانون المالية، فإنه يبقى أوراقا لا يعلم احد، حتى من واضعيه، ما اذا كانت ستصمد لاشهر، لأنه بني على الغموض والحسابات الخيالية. ولن أدخل في تفاصيله الا اذا استدعت ذلك ضرورة ما،

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى