الكدش، مؤتمر على هامش التاريخ
العمل النقابي بشكل عام يعيش أزمة غير مسبوقة منذ مدة ليست بالقصيرة. ظهور حراكات شعبية بمطالب اجتماعية منفلتة من التأطير النقابي هي من التمظهرات الجوهرية لهذه الأزمة. هذه الحقيقة لا تخص بلدا دون الآخر ، بل تكاد تكون حقيقة مطلقة في الزمان والمكان. أسباب هذه الأزمة بقدر ما هي معقدة وكثيرة بقدر ما يمكن اختزالها في عنصر محوري : تراجع اليسار إيديولوجيا وسياسيا واكبه خفوت العمل النقابي الذي ارتبط به جدليا وتاريخيا.
في هكذا سياق يفترض في النقابات المناضلة والمسنودة سياسيا بتنظيمات اليسار أن تجعل استحقاقها المركزي هو المساهمة في البحث عن استراتيجيات جديدة تعيد تموقعها في قلب الأحداث الاجتماعية والاقتصادية.
المؤتمر الأخير للكونفدرالية الديموقراطية للشغل (كدش) كان فاشلا بامتياز من زاوية النظر هذه. لقد تحول هذا المؤتمر إلى لحظة خارج التاريخ انتصرت فيه عقلية التموقعات التنظيمية وتزكية السائد في أقبح تجلياته. فبدل أن يقدم لنا هذا المؤتمر خلاصات ترتبط بالتوجهاته الجديدة للمركزية وخططها لمواجهة الهجوم المتاوصل للرأسمال المفترس على القوى العاملة، قدم لنا وجبة رديئة عنوانها هو المحافظة: المحافظة على وصفة الزعيم/الشيخ الخالد، المحافظة على نفس أشكال الفعل المهترئة والمتجاوزة، المحافظة على عقلية الاستمرارية ضدا على مبدإ التداول، المحافظة على عقلية الاستبداد بالقرار بدل منطق التشارك والشراكة…….
التفاصيل الأخرى ليست مهمة، فالعبرة بالخاتمة : نقابة بتاريخ الكدش انتخبت شيخا سيسرها بعقلية قديمة تجعل من المنخرطين جيشا يتحرك بقوة لما يكون الرهان حسم معركة داخلية وينام لما يتعلق الأمر بمواجهة النقيض الطبقي للعمال.
مؤسف حقا هذا الذي وقع، ولكن لن يكون قطعا فرصة للكفر بجدوى النقابة في تاريخ الشعوب ومعركتها من أجل الحرية والعدالة والكرامة.