جاء ذلك، في صحيفة “لوموند” الفرنسية، حيث أكدت، أن التبادلات التجارية بين الرباط وبكين اقتربت من 8 مليارات دولار سنة 2023، وهو مبلغ يقارب 10 مليارات معاملة تمت في نفس العام بين الصين والجزائر. لكن المقارنة تتوقف عند هذا الحد. ومقارنة بتلك التي تمت في جارتها، فإن الاستثمارات والعقود الصينية في المغرب، الذي وقع شراكة استراتيجية مع الصين في عام 2016 وتبنت مبادرة “طرق الحرير الجديدة” في العام التالي، لا تزال منخفضة: أقل من 3 مليارات دولار بين عامي 2005 و2020. مقابل نحو 24 مليارا لنفس الفترة في الجزائر، بحسب بيانات جمعها الباحث يحيى زبير المنتسب إلى مركز أبحاث مجلس الشرق الأوسط للشؤون العالمية بالدوحة.
غير أن الصحيفة، استدركت بالقول: إن المغرب بدأ يشهد اهتماما متزايدًا من الشركات الصينية في قطاعات جديدة، مثل صناعة البطاريات الكهربائية، حيث أدرجت مجلة الإيكونوميست البريطانية المغرب ضمن الدول الخمس الأكثر استهدافًا من قبل استثمارات “الحقول الخضراء” الصينية في عام 2023، وهي الاستثمارات التي تعززت بإعلان شركات مثل CNGR وGotion عن استثمارات تصل إلى 10 مليارات يورو في المغرب، بالشراكة مع الصندوق الاستثماري “مدى” وشركة سيجر القابضة المملوكة للملك محمد السادس، ، وشركة Gotion العملاقة، ضخ ما يقرب من 4 مليارات دولار في المغرب.
ولا يخفي المسؤولون الصينيون الأسباب التي تدفع هذه الشركات إلى توجيه أنظارها إلى المغرب، حيث يشير بهذا الخصوص، السفير الصيني بالرباط، لي تشانغ لين، بقوله، إنه و “بسبب اتفاقيات التجارة الحرة مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي”، اعترف بصراحة: “لفترة طويلة، كان المغرب بمثابة فضول للشركات الصينية، لكن العلاقة دخلت العلاقات بين بكين والرباط حقبة جديدة”، في حين قررت واشنطن وبروكسل، اللتان تتهمان الصين بالإغراق، هذا الصيف زيادة الضرائب على الواردات الصينية من السيارات والبطاريات الكهربائية.
ويشير تقرير لوموند، أن الصين ستسفيد أيضا من احتياطيات المغرب من المعادن الأساسية اللازمة لتصنيع بطاريات السيارات الكهربائية، حيث من المتوقع افتتاح أول مصنع لإنتاج كبريتات الكوبالت بالمغرب في عام 2025.، وهو أحد مشاريع مجموعة “مناجم” التي تهدف من خلاله إلى تلبية الطلب المتزايد على المعادن المهمة، ومن المتوقع أن تصل طاقته الإنتاجية السنوية إلى 5 آلاف و800 طن، سيتم تسليم معظمها إلى شركة رينو، بالإضافة إلى تزويد مجموعة BMW الألمانية وشركة التجارة الأنغلو-سويسرية “غلينكور”.
يضيف تقرير الصحيفة الفرنسية، أن الاهتمام الصيني بالمغرب يمتد أيضًا إلى صناعة السيارات الكهربائية، إذ أصبح المغرب خلال الخمسة عشر عامًا الماضية المنتج الرائد للسيارات في إفريقيا، وبفضل ميناء طنجة المتوسط وموقعه الاستراتيجي، يبدو إنتاج السيارات الكهربائية للتصدير إلى أوروبا وأمريكا قريب المنال.
وفق التقرير ذاته، تسعى “مناجم” أيضا إلى افتتاح مصنع نحاس، الذي يعتبر ضروريًا لمحركات السيارات الكهربائية ومحطات الشحن، في عام 2025 في مدينة تزنيت، ويقدر احتياطي المنجم بأكثر من 600 ألف طن.
تشير الصحيفة الفرنسية أن الفوسفاط، الذي يمتلك المغرب 70 بالمائة من احتياطياته العالمية، من المتوقع أن يزداد أهميته، وفقًا للخبراء، مع زيادة استخدام بطاريات فوسفات الحديد الليثيوم في السيارات الكهربائية على مستوى العالم، كما هو الحال بالفعل في الصين.
التقير أيضا اوضح أن العلاقة بين المغرب والصين ليست اقتصادية فقط، بل تمتد أيضًا للجانب السياسي. معتبرا أن المغرب يدعم سياسة “صين واحدة”، ويتجنب انتقاد سياسات الصين تجاه الأقليات مثل الأويغور. في المقابل، لا تزال قضية الناشط الأويغوري إدريس أيشان عالقة، إذ جرى اعتقاله في المغرب بناء على طلب من الإنتربول بطلب من الصين، إلا أن تسليمه لا يزال معلقًا بقرار من السلطات المغربية.