الرئسيةسياسة

حكم أوربي على أمل أن يحرر ثروات المغرب ومنها أسماكه، بين فرح المواطن العادي و تعقيدات “الأبعاد السياسية”

تحرير: جيهان مشكور

وجدنا أنفسنا أمام مشهد يحمل في طياته بؤس الواقع، لكنه لا يخلو من لمسات كوميدية بطعم السواد، في خضم تفاعل الأوساط السياسية والاجتماعية مع الحكم الأخير الصادر عن محكمة العدل الأوروبية، الذي قضى بإلغاء اتفاقيتي الصيد البحري والزراعة مع المغرب، انشغلت أقلام المحللين السياسيين بتفكيك و تحليل تبعات هذا القرار على الشراكة المغربية الأوروبية، بينما ارتفعت أصوات المواطنين في منصات التواصل الاجتماعي لتعبّر عن فرحتها الغامرة بهذا الحكم، متمنين أن تؤدي تبعاته إلى انخفاض أسعار المنتجات الزراعية والسمكية في الأسواق المحلية.

في مشهد ساخر، تصدر شعار “خيرنا ما يديه غيرنا”،كصرخة استبشر بها البعض في الفضاء الافتراضي، مستندين إلى أمل قديم: أن تنخفض أسعار المنتجات الزراعية والسمكية في الأسواق المحلية، وبدلًا من النظر إلى تبعات الحكم كفعل سياسي معقد، فضل الكثيرون تصويره كهدية مجانية من القضاء الأوروبي للشعب المغربي.

ففي إحدى الزوايا المظلمة للواقع، يعلق مواطن بمرارة قائلاً: “كيف يعقل أن نكون قاطنين بمنطقة ساحلية تخرج الأطنان من الأسماك، بينما نحصل على السردين بسعر يتراوح بين 10 و12 درهمًا للكيلوغرام؟”. هنا، تنبثق الفكاهة السوداء من الألم، حيث يتساءل الناس عن عدالة النظام الاقتصادي الذي يبدو وكأنه يفضل مصالح الآخر على مصالح المواطن المغربي.

في هذا لواقع الذي اختلط فيه الفقر بالبساطة في التعامل مع الوقائع القاسية، يظهر على منصات التواصل الاجتماعي أحد المعلقين متمسكًا بفكرته: “هل لا يزال للاتحاد الأوروبي دور في العالم؟ نحن في أرضنا وبحارنا، وخيرات البحر والبر خيراتنا ونحن أولى بها”. ومع تلك الكلمات، يبدو كأن روح “المغربي الأصيل” تتحدى العواصف السياسية، متمسكة بقدرتها على استعادة حقوقها حتى في أحلك الظروف.

من الواضح أن هذه الأحداث تحمل في طياتها سخرية مريرة من واقعٍ لم يعد يُطاق. “من الخير، حوتنا ما ياكلو غيرنا” يعبر عن حتمية العودة إلى ما هو محلي، لكن في النهاية، هل يمكن أن نأمل في هذا التغيير في ظل البيروقراطية والفساد الذي يحيط بكافة الأنشطة الاقتصادية.

تتداخل هنا عناصر المواطن البسيط الحالم مع مرارة الحقيقة، حيث يقف المواطن المغربي في طابور الانتظار، يتطلع إلى الأسماك الطازجة، لكنه يجد نفسه محاطًا من جهة لغلائها الفاحس ونت جهة أخرى بالأعباء الاقتصادية والوعود السياسية المكسورة.

يبدو أن المغربي العادي إجمالا وجد في هذا الحكم مادة دسمة للسخرية، لكن في عمق هذه النكتة السوداء يكمن واقع يضعنا أمام مرآة تعكس هشاشة الوضع الاقتصادي، وحاجتنا إلى رؤية شاملة ومتكاملة للتغيير.

فبين ضجيج المحللين وضحكات رواد الإنترنت، يبقى التحدي هو أن يجد المواطن المغربي نفسه يومًا ما في واقع أفضل، بعيدًا عن سياسات همها التصدير وبشكل رئيسي لأغلب مواد “كوفة” المغاربة، ومنها  الصيد البحري، والاتفاقيات التي لا تنتهي دعما للتصدير ولو على حساب الأمن الغذائي، وسلطات لا تكف عن التلاعب بمقدراتهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى