تسعى زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى المغرب التوجه للتتويج لمرحلة جديدة من العلاقات القائمة على المصالح المشتركة، والتي بدأت باعتراف باريس بخطة المغرب بشأن الصحراء المغربية، بيد أن هناك قضايا أخرى مشتركة تهم البلدين.
يجدر التذكير هنا، أن ماكرون لم يزر المغرب منذ حوالي ست سنوات. والآن يحل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى المغرب مرة أخرى، تلبية لدعوة من الملك محمد السادس. وهذه الزيارة “تعكس عمق العلاقات الثنائية، القائمة على شراكة راسخة وقوية، بفضل الإرادة المشتركة لقائدي البلدين لتوطيد الروابط المتعددة الأبعاد التي تجمع البلدين”، كما جاء في بيان صادر عن وزارة القصور الملكية.
عرفت فرنسا والمغرب مؤخرا استياء واضحا بينهما، وقد أثار ذلك، على سبيل المثال لا الحصر، حقيقة أن فرنسا خفضت بشكل حاد عدد التأشيرات الصادرة للمواطنين المغاربة في عام 2021. ولم تزد باريس العدد مرة أخرى إلا بحلول ديسمبر من العام التالي.
غير ما كان يثير غضب المغرب هو أن فرنسا ترددت لفترة طويلة في الاعتراف بسيادة المملكة على الصحراء المغربية، حيث يطالب المغرب بأحقيته فيها ويريد منذ عام 2007 منحها وضع الحكم الذاتي فقط.
بداية من الصيف الماضي فقط، عبر ماكرون عن تبنيه موقف المغرب أيضا، مثلما فعلت الولايات المتحدة سابقا خلال ولاية دونالد ترامب، و بموافقة فرنسا على خطة المغرب بشأن الصحراء، فإن جزءا كبيرا من الخلافات بين الدولتين جرى حله.
و قررت فرنسا تبني موقفا لصالح المغرب -وضد موقف الجزائر- بشأن قضية الصحراء. ومن خلال تحول موقفها بشأن هذه القضية، أصبحت فرنسا الآن شريكًا يحظى باحترام كبير في المغرب. وقال شتفن هوفنر مدير مكتب مؤسسة كونراد أديناور الألمانية في الرباط: “هذا مهم على الأقل بالنسبة لاقتصادها”.
وأضاف هوفنر، سيكون للشركات الفرنسية اهتمام كبير بالاستثمار في المغرب والصحراء المغربية – على سبيل المثال في قطاع الطاقة أو تقنيات تحلية المياه أو مشاريع البنية التحتية الكبيرة مثل توسيع الموانئ والمطارات. على سبيل المثال، تم الإعلان مؤخرا عن أن شركة “الستوم” (Alstom) الفرنسية، التي تنشط في بناء قطارات وخطوط السكك الحديدية، لديها فرصة جيدة للفوز بعقد توريد قطارات جديدة للخط فائق السرعة الجديد المخطط له بين مراكش والقنيطرة.
وتعتبر هذه الشراكة مهمة أيضا لفرنسا لأنه بسبب انسحابها من منطقة الساحل الإفريقي أصابها ضعف سياسيا واقتصاديا، حسب الخبير الألماني، الذي يضيف: “والآن يثبت المغرب أيضا أنه شريك موثوق به للاقتصاد الفرنسي”.
فضلا عن ذلك توجد أيضا قضية مهمة في بؤرة الاهتمام، ففرنسا – مثل معظم الدول الأعضاء في الاتحاد الأوربي لديها مصلحة في الحد من الهجرة غير النظامية. و يعتبر المغرب بهذا الخصوص، أيضا شريكا مهما، فالمغرب، وفقا لبياناته الخاصة، أوقف حوالي 87 ألف مهاجر في عام 2023 – وهي زيادة حادة مقارنة بحوالي 56 ألف مهاجر تم إيقافهم بين يناير وغشت 2022. ويبدو من الواضح أن تحول فرنسا إلى مسار الرباط بشأن الصحراء المغربية من المرجح أن يزيد من استعداد المغرب للتعاون في قضايا الهجرة غير النظامية.