أعلن المغرب بشراكة مع شركة “Atlantic Tin Ltd” عن نتائج دراسة مشروع منجم “Achmmach-SAMINE” المتكامل لاستخراج معدن القصدير، الذي يقع بالقرب من مدينة مكناس، والتي كشفت عن ما يُعتقد أنه أكبر حقل قصدير في العالم بمنطقة أشماش، وأكدت الشركة أن القدرة الإنتاجية المتوقعة للمنجم ستبلغ 63.7 ألف طن من القصدير الخام، وهو اكتشاف يعد بإضافة نوعية إلى موارد البلاد المعدنية وتطويرها الاقتصادي.
يأتي هذا الإعلان في وقت يشهد فيه الطلب العالمي على القصدير تزايداً مستمراً، مما يُبرز أهمية هذا المعدن الذي ارتفع سعره إلى حوالي 33,500 دولار للطن في نوفمبر 2024 بسبب الأزمات الإنتاجية التي أثرت على بعض من كبار المنتجين مثل ميانمار وإندونيسيا.
تجدر الإشارة ان هذا المعدن يعتبر اليوم من الموارد الاستراتيجية نظراً لاستخداماته في مجالات حساسة كالالكترونيات والبناء والصناعات الثقيلة، ما يجعله سلعة قيّمة تشهد أسعارها تقلبات كبيرة بحسب عوامل العرض والطلب في السوق العالمية، ما نتج عنه ارتفاعاً ملحوظا في سعر القصدير، نتيجة لتحديات الإنتاج في الدول الرئيسية المنتجة، كميانمار وإندونيسيا و هو الأمر الذي دفع البلدان غير التقليدية في إنتاج القصدير مثل المغرب إلى البحث في استغلال مواردها الطبيعية المحلية، و يُعد اكتشاف حقل أشماش أحد أبرز نتائجها.
هذا و يعتبر القصدير أغلى بكثير من الفوسفاط، المعدن الذي يُعد المغرب أحد أكبر منتجيه في العالم، حيث بلغ سعر الفوسفاط في سبتمبر 2024 حوالي 152.5 دولار للطن، بينما يتجاوز سعر القصدير الـ 33,500 دولار للطن، مما يبرز الفرق الكبير بين المعدنين، ويُعزز من قيمة الاستثمارات المحتملة في مجال استغلال القصدير.
فوفقًا لنتائج الدراسة، التي أُطلق عليها اسم “دراسة تحديد النطاق لعام 2024″، فإن القيمة الحالية للأرباح بعد الضرائب تقدر بحوالي 307 مليون دولار أمريكي، ويتميز المشروع بمعدل عائد داخلي بنسبة 45%،
كما تشير الدراسة إلى أن فترة استرداد الاستثمارات ستكون حوالي 4.3 سنوات، مع إجمالي “EBITDA” يبلغ 990 مليون دولار أمريكي على مدى عمر المنجم، مما يبرز القوة المالية والقدرة الربحية للمشروع.
ومن المتوقع أن يصل إنتاج المشروع إلى 63.7 ألف طن من خام القصدير على مدى 17 عامًا، مع ذروة إنتاجية تصل إلى 5 ألف طن سنويًا، ومن المقرر بدء الإنتاج بعد 18 شهراً من بدء عمليات البناء.
في هذا السياق، يُتوقع أن يكون لهذا الاكتشاف تأثيرات اقتصادية ملموسة على الاقتصاد المغربي، إذ أن تحويل هذا الحقل إلى مورد فعلي عبر استثمارات جادة في مجال الاستخراج والتكرير يمكن أن يُشكل دعامة إضافية لتعزيز الصادرات المعدنية المغربية، وجذب الشركات العالمية المهتمة بتأمين احتياجاتها من هذا المعدن الثمين.
ويأتي هذا الاكتشاف في وقت تسعى فيه المملكة إلى تنويع اقتصادها والحد من الاعتماد على الفوسفاط وحده كمورد أساسي، وبإضافة القصدير إلى قائمة المعادن الاستراتيجية في المغرب، ستتمكن البلاد من تقليص فجوة العجز التجاري وتوفير فرص عمل جديدة في مجال التعدين والصناعات المرتبطة به.
لكن و من جهة أخرى، فرغم الفرص الاقتصادية، يواجه المغرب تحديات تتعلق بالتأثير البيئي المحتمل لعمليات التعدين، إذ أن استغلال مثل هذا الحقل الضخم يتطلب تقنيات متقدمة للحفاظ على البيئة وتقليل الأضرار الناجمة عن عمليات استخراج وتجهيز المعدن، ما يلزم الحكومة المغربية بأن تضع معايير بيئية صارمة لهذه المشاريع، بما يضمن التوازن بين التنمية الاقتصادية وحماية الموارد البيئية.
كما تبرز الحاجة إلى دعم التشريعات وتنظيم القطاع بآليات قانونية واضحة لتشجيع المستثمرين وتحفيز القطاع الخاص على الانخراط في هذه الصناعة الوليدة في المغرب، من خلال توفير بيئة استثمارية ملائمة.
ختاما، يشكل اكتشاف أكبر حقل قصدير في العالم بمنطقة أشماش بالمغرب حدثاً استراتيجياً قد يُغير من معادلات الاقتصاد الوطني ويوسع من آفاق الاستثمار في القطاع المعدني، ورغم التحديات البيئية والتنظيمية، إلا أن هذا الاكتشاف يفتح الباب أمام مستقبل مشرق قد يُسهم في تعزيز مكانة المغرب كفاعل اقتصادي في السوق العالمية للمعادن، ويحقق توازناً بين التنمية الاقتصادية وحماية البيئة.
يُذكر أن هذا المشروع هو مشروع مشترك بين “Atlantic Tin Ltd” وشركة “Toyota Tsusho Corporation” وشركة “Nittetsu Mining Co Limited”. وتعمل “Atlantic Tin”، التي تأسست في أستراليا، على تطوير مشروع “Achmmach” في المغرب