
تسلا تتعثر وBYD تحلق… هل نشهد تحوّلًا في زعامة السيارات الكهربائية؟
شهدت سوق السيارات الكهربائية تحولًا دراماتيكيًا بعد الانخفاض الحاد في أسهم تيسلا، مما منح المضاربين على هبوط السهم مكاسب هائلة بلغت 16.2 مليار دولار، بينما وصلت منافستها الصينية BYD إلى أعلى قيمة سوقية في تاريخها، متجاوزة عمالقة صناعة السيارات التقليدية مثل فولكس فاغن وفورد.
هذا التحول اللافت لم يكن مجرد صدفة، بل يعكس تباينًا واضحًا في استراتيجيات الشركتين، حيث تراهن BYD على الابتكار التكنولوجي في مجال الشحن السريع، في حين يركز إيلون ماسك على تطوير الروبوتات البشرية كأفق استثماري جديد لشركته، فيما يواجه مستثمرو تيسلا فترة عصيبة بعد التراجع الحاد في أسهم الشركة، ما جعل المضاربين على انخفاض السهم أكبر المستفيدين من هذا الانهيار.
و يأتي هذا التراجع وسط شكوك متزايدة حول قدرة الشركة على الحفاظ على ريادتها في سوق السيارات الكهربائية، خاصة مع تباطؤ وتيرة الابتكار في مجال البطاريات وتراجع الإنتاجية مقارنةً بالمنافسين.
في المقابل، احتفلت BYD بقفزة نوعية في سوق السيارات الكهربائية، مدفوعة بإطلاقها طرازين جديدين ضمن سلسلة “Dynasty”، وهما “Han L” ، السيدان الفاخرة، و”Tang L” ، سيارة الدفع الرباعي المجهزة بأحدث التقنيات، حيث احدثا هذان الطرازات ضجة واسعة بفضل تقنية الشحن الفائقة التي تقدمها الشركة، والتي باتت تهدد سيطرة تيسلا على السوق.
ثورة تقنية: 400 كيلومتر في 5 دقائق
الميزة الأبرز التي منحت BYD هذا التفوق الاستثنائي تكمن في اعتمادها على منصة “Super-e” ، التي تعمل بجهد كهربائي يصل إلى 1000 فولت، متجاوزة حتى معايير “Lucid Air” البالغة 900 فولت. تدعم هذه التقنية شواحن بقدرة “1 ميغاواط” ، مما يسمح بشحن البطارية لمسافة “400 كيلومتر في غضون خمس دقائق فقط” ، وهو ما كان يُعد حتى وقت قريب ضربًا من الخيال في عالم السيارات الكهربائية.
ورغم أن الشحن السريع بهذا المعدل قد يثير مخاوف بشأن استهلاك البطارية وتسارع تآكلها، إلا أن BYD استطاعت تجاوز هذه العقبة باستخدام “بطاريات Blade”، التي تعتمد على كيمياء “فوسفات الحديد الليثيوم (LFP)” ، وهي أكثر استقرارًا وأمانًا من البطاريات التقليدية التي تعتمد على خليط “نيكل-منغنيز-كوبالت (NMC)” ، مما يقلل بشكل كبير من مخاطر الاحتراق والتلف السريع.
و بفضل هذه الابتكارات، ارتفعت أسهم BYD المدرجة في “بورصة شينزين” إلى مستويات غير مسبوقة، لترتفع قيمتها السوقية إلى “160 مليار دولار” ، متجاوزة شركات مثل فولكس فاغن، وجنرال موتورز، وفورد مجتمعة. كما شهدت أسهم الشركة المتداولة في الأسواق الأمريكية (ADRs) ارتفاعًا بنسبة “2.6%”، لتصل إلى “102.70 دولار للسهم الواحد” ، ما يعكس ثقة المستثمرين في مستقبل الشركة.
و في الوقت الذي تواصل فيه BYD توسيع استثماراتها في السيارات الكهربائية، يتجه إيلون ماسك نحو استراتيجية مختلفة كليًا، حيث يراهن على تطوير “الروبوتات البشرية” بدلًا من التركيز على تحسين سيارات تيسلا.+، ففي الاجتماع السنوي الأخير للمساهمين، كشف ماسك عن رؤيته التي تعتبر أن قطاع الروبوتات سيكون مفتاح المستقبل، مؤكدًا أن تيسلا قد تحقق “تريليون دولار سنويًا”، أي عشرة أضعاف أرباح أبل الحالية، إذا تمكنت من تحقيق اختراق حقيقي في هذا المجال.
لكن هذه الرؤية تواجه تساؤلات حول مدى واقعيتها، خاصة في ظل التحديات التي تواجه مشروع الروبوتات من حيث الجدوى الاقتصادية والتطبيق العملي، في المقابل، يواصل قطاع السيارات الكهربائية نموه بوتيرة متسارعة، مما يجعل التوجه نحو الروبوتات مخاطرة قد تكلف تيسلا خسارة موقعها الريادي في السوق لصالح شركات مثل BYD التي تستثمر بذكاء في تكنولوجيا البطاريات والبنية التحتية للشحن.
يعكس الفرق بين استراتيجيات تيسلا وBYD بشكل واضح اختلاف فلسفة الابتكار بين الشركتين، ففي حين تركز BYD على تقديم حلول عملية ومباشرة تعزز تجربة المستخدم، يبدو أن تيسلا تضع رهانها على مستقبل غير مؤكد.
هذه التحولات تطرح تساؤلات حول مستقبل سوق السيارات الكهربائية، ومن سيكون القائد الفعلي لهذا القطاع في السنوات المقبلة.
فهل نشهد قريبًا انتقال الهيمنة من وادي السيليكون إلى شينزين؟