
أسدلت محكمة الاستئناف في القنيطرة الستار على واحدة من أكثر القضايا إثارة للجدل في الآونة الأخيرة، والمتعلقة بحادثة التسمم الجماعي التي هزت جماعة سيدي علال التازي، حيث أودت بحياة 18 شخصًا نتيجة تناولهم مشروبات كحولية مغشوشة.
هذه الواقعة المأساوية لم تقتصر تداعياتها على الخسائر البشرية، بل فتحت الباب أمام تحقيقات موسعة كشفت عن شبكة من المتهمين المتورطين في ترويج مواد كحولية غير مرخصة تحتوي على مادة الميثانول السامة، والتي كانت السبب الرئيسي في حالات التسمم القاتلة.
في جلسة النطق بالحكم، أصدرت المحكمة عقوبات مشددة بحق تسعة متهمين، حيث تراوحت الأحكام الصادرة ضدهم بين ثمانية أشهر واثني عشر عامًا من الحبس النافذ، ليصل مجموع العقوبات إلى 43 سنة وثمانية أشهر. وكان الحكم الأشد من نصيب المتهم الرئيسي، الذي أدين بالسجن لمدة 12 عامًا، متبوعًا بالمتهم الثاني الذي حكم عليه بعشر سنوات، بينما توزعت الأحكام الأخرى بين ست وثماني سنوات، في حين حصل أحد المتهمين على أدنى عقوبة بلغت ثمانية أشهر.
فيما أكدت تفاصيل التحقيقات التي أجرتها عناصر الدرك الملكي أن المتهمين حصلوا على الكحول المغشوش من مصادر غير قانونية، ثم قاموا بترويجه في إحدى الحفلات التي جمعت الضحايا، وما إن استهلك هؤلاء المشروب المسموم حتى ظهرت عليهم أعراض التسمم الحاد، التي تسببت في وفاة 18 شخصًا، فيما نجا آخرون بعد تلقيهم العناية الطبية اللازمة، هذا الوضع دفع النيابة العامة إلى تحريك المتابعة القضائية بتهم خطيرة، من بينها تقديم مواد مضرة بالصحة نتج عنها وفيات وعجز بدني.
هذا ويعكس الحكم الذي أصدرته المحكمة توجهًا قضائيًا صارمًا في التعامل مع القضايا التي تهدد الصحة العامة، خاصة تلك التي تتعلق بالمواد المغشوشة التي تودي بحياة الأبرياء، كما يعكس التزام السلطات القضائية بتشديد العقوبات على كل من يثبت تورطه في مثل هذه الجرائم، في مسعى لردع هذه الظواهر الخطيرة التي باتت تشكل تهديدًا حقيقيًا للمجتمع.