الرئسيةسياسة

نقابة المخاريق: إنجاح الحوار الاجتماعي مسؤولية وطنية

في سياق يتسم بتزايد الضغوط الاجتماعية وتفاقم الإكراهات الاقتصادية، جدد الاتحاد المغربي للشغل، خلال جلسة الحوار الاجتماعي المنعقدة يوم الثلاثاء 22 أبريل 2025 بدعوة من رئيس الحكومة، تأكيده على تشبثه بالمطالب العادلة والمشروعة للطبقة العاملة المغربية، مجدداً موقفه الثابت من قضايا تعتبرها المركزية النقابية ذات أولوية قصوى في ظل استمرار ارتفاع تكاليف المعيشة وتآكل القدرة الشرائية.

ورد ذلك في بلاغ لأكبر نقابة بالمملكة، حيث أكدت فيه  ضرورة احترام دورية جولات الحوار الاجتماعي باعتبارها مدخلاً أساسياً لمأسسة هذا الورش، داعياً إلى الالتزام الصارم بتنزيل مضامين الاتفاقات السابقة، خاصة تلك التي تأخر تفعيلها، مما يهدد الثقة في هذا المسار التفاوضي.

خلال الجلسة ذاتها و من خلال عرض شامل تضمن مجموعة من المطالب، كان في مقدمتها الزيادة العامة في الأجور، وهو الذي اعتبرته مطلبا ضروريا و ملحا، وليس فقط مجرد أداة تفاوضية، في ظل الغلاء المتواصل وارتفاع الأسعار الذي التهم فعلياً مكتسبات الزيادة السابقة.

وفق البلاغ ذاته،  شددت النقابة، على أهمية الرفع من معاشات المتقاعدين الذين لم تشملهم أي زيادات منذ سنوات، مما فاقم من معاناتهم الاجتماعية وأضر بكرامتهم بعد مسار طويل من العمل والعطاء.

وفي سياق متصل، جدد الاتحاد دعوته إلى مواصلة التخفيف من العبء الضريبي المفروض على الأجور، في خطوة تروم تحسين الدخل الصافي للأجراء، كما طالب برفع قيمة التعويضات العائلية إلى 500 درهم عن كل طفل، بهدف تمكين الأسر من مواكبة تكاليف العلاج والتعليم ومختلف الحاجيات الأساسية التي باتت ترهق ميزانيات الطبقة العاملة.

و لم يقتصر المطلب النقابي على البعد المالي فقط، بل شمل كذلك الجانب المؤسساتي، حيث دعا الاتحاد إلى فتح الحوارات الاجتماعية القطاعية في عدد من القطاعات الحيوية، على رأسها التعليم والصحة والجماعات الترابية والتدبير المفوض، مع التأكيد على ضرورة مواكبة وتتبع هذه الحوارات من أعلى سلطة حكومية لضمان جديتها وفعاليتها، كما ألح على ضرورة فتح حوارات فئوية مع فئات طالها الحيف الإداري والمهني، كالمتصرفين والتقنيين والمهندسين والموظفين ذوي الاحتياجات الخاصة، بما يضمن المساواة في الحقوق والمسارات المهنية.

و طالب الاتحاد بإرساء قانون منظم للحوار الاجتماعي يضمن ديمومته وفعاليته، إلى جانب إحداث مجلس وطني يعنى بتتبع مخرجات الحوار وحل النزاعات الكبرى المرتبطة بعالم الشغل، وهو ما يعكس رغبة الاتحاد في إضفاء طابع مؤسساتي على الحوار، بعيداً عن منطق الارتجال والمناسباتية.

وفي ملف التقاعد، عبر الاتحاد المغربي للشغل، عن  رفضه المطلق لأي تعديل تقني أو مقياسي يهدد مكتسبات المنخرطين في أنظمة التقاعد، مجدداً رفضه لما أسماه بـ”الثالوث الملعون”، المتمثل في الرفع الإجباري لسن التقاعد، والزيادة في نسبة المساهمات، وتخفيض قيمة المعاشات، محملا الاتحاد مسؤولية الاختلالات التي تعرفها بعض الصناديق إلى سوء التدبير وغياب الحكامة داخلها، مطالباً بإعادة تفعيل اللجنة الوطنية لأنظمة التقاعد لتشمل كافة الفاعلين المعنيين، بمن فيهم النقابات وممثلو الأجراء.

ولم يغفل الاتحاد المغربي للشغل خلال هذا اللقاء التذكير بقضايا الحريات النقابية، حيث دعا إلى تسهيل إجراءات تسليم وصولات تأسيس النقابات، وحماية ممثلي الأجراء من الطرد التعسفي، إلى جانب المطالبة بإلغاء الفصل 288 من القانون الجنائي، الذي يرى فيه الاتحاد قيداً قانونياً غير مبرر يحد من حرية الإضراب والعمل النقابي.

في نفس السياق، دعا الاتحاد إلى تقنين عمل شركات المناولة بشكل صارم، ووضع حد للسمسرة في اليد العاملة التي تحرم آلاف العمال من حقوقهم الأساسية في الاستقرار المهني والأجر العادل، وهو ما يشكل تهديداً مباشراً لمفهوم العمل اللائق الذي تسعى إليه السياسات الاجتماعية.

إن الطبقة العاملة اليوم لا تطلب امتيازات، بل تدافع عن الحد الأدنى من الكرامة، وهو ما يجعل من إنجاح الحوار الاجتماعي ليس فقط ضرورة سياسية، بل أيضاً التزاماً أخلاقياً ومسؤولية وطنية، وفي هذا الإطار سيظل اختلال موازين القوى بين مجموع فصائل الحركة النقابية، ومجموع تحالفات حكومة أخنوش عنوانا يجعلها تماطل وتعطي باليد اليمنى ما تأخذه باليدي اليسرى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى